للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العادةَ لا تُطْلَقُ إلَّا على ما كَثُرَ، وأقَلُّهُ ثلاثة؛ ولأنَّ أكْثَرَ ما يُعْتَبَرُ له التَّكْرَارُ اعْتُبِرَ ثلاثًا، كأيَّامِ الخِيارِ في المُصَرَّاةِ.

فصل: وتَثْبُتُ العادةُ بالتَّمْيِيزِ، فإذا رَأتْ دَمًا أسودَ خمسةَ أيَّامٍ في ثَلاثةِ أشْهُرٍ أو شهرَيْن علَى الرِّوَايَةِ الأُخْرَى، ثم صارَ أحمرَ، واتَّصَلَ، ثُمَّ صارَ في سائرِ الأشْهُرِ دَمًا مُبْهَمًا، كانتْ عادتُها زَمَنَ الدَّمِ الأسودِ.

فصل: والعادَةُ على ضَرْبَيْن: مُتَّفِقَةٍ، ومُخْتَلِفةٍ، فالمُتَّفِقَةُ أنْ تكونَ أيَّامًا مُتَساوِيةً، كأرْبعةٍ في كُلِّ شَهْرٍ، فإذا اسْتُحِيضَتْ جَلَسَت الأرْبعةَ فقط، وأمَّا المُخْتَلِفَةُ فإنْ كانت على تَرْتِيبٍ، مِثْلَ إنْ كانتْ ترى في شهرٍ ثلاثةً، وفِي الثانِى أربعةً، وفى الثَّالِثِ خمسةً، ثم تَعُودُ إلى ثلاثةٍ، ثم إلى أرْبعةٍ على ما كانتْ، فهذه إذا اسْتُحِيضَتْ في شَهْرٍ، فعَرَفَتْ نَوْبَتَه عَمِلَتْ عليه، ثم على الذي بَعْدَه، ثم على الذي بَعْدَهُ، ثم (١٢) على العادَةِ. وإنْ نَسِيَتْ نَوْبَتَه حَيَّضْناها اليَقِينَ، وهو ثلاثةُ أيَّامٍ، ثم تَغْتَسِلُ، وتُصَلِّى بَقِيَّةَ الشَهْرِ. وإنْ أيْقَنَتْ أنَّه غيرُ الأوَّلِ، وشَكَّتْ؛ هل هو الثَّانى أو الثَّالِث؟ جَلَسَتْ أرْبعةً؛ لأنَّها اليَقِينُ، ثم تَجْلِسُ مِن الشَّهْرَيْنِ الآخَرَيْنِ ثلاثةً ثلاثةً، ثم تَجْلِسُ في الرَّابعِ أرْبَعةً، ثم تَعُودُ إلى الثَّلاثةِ كذلك أبدًا، ويُجْزِئُها غُسْلٌ وَاحِدٌ عِنْدَ انْقِضَاءِ المُدَّةِ التي جلستْها، كالنَّاسِيَةِ إذا جلستْ أقَلَّ الحَيْضِ؛ لأنَّ ما زاد على اليَقِينِ مَشْكُوكٌ فيه، فلا نُوجِبُ عليها الغُسْلَ بالشَّكِّ، ويَحْتَمِلُ وُجُوبُ الغُسْلِ عليها أيضًا عِنْدَ مُضِىِّ أكثَرِ عادَتِها؛ لأنَّ يَقِينَ الحَيْضِ ثَابِتٌ، وحُصُولُ الطَّهارَةِ بالغُسْلِ مَشْكُوكٌ فيه، فلا نَزُولُ عن اليَقِينِ بالشَّكِّ، ولأنَّ هذه مُتَيَقِّنَةٌ وُجُوبَ الغُسْلِ عليها في أحَدِ الأيَّامِ الثَّلَاثَةِ في اليومِ الخامِسِ، وقد اشْتَبَهَ عليها، وصِحَّةُ صلاتِها تَقِفُ على الغُسْلِ، فَيَجِبُ عليها لِتَخْرُجَ على العُهْدَةِ بِيَقِينٍ، كَمَنْ نَسِىَ صلاةً مِنْ يَومٍ لا يَعْلَمُ عَيْنَها. وهذا الوَجْهُ أصَحُّ لِما ذَكَرْنَا، وتُفَارِقُ النَّاسِيَةَ، فإنَّها لا تَعْلَمُ لها حَيْضًا زَائِدًا على ما جَلَسَتْهُ، وهذه تَتَيَقَّنُ لها حَيْضًا زَائِدًا على ما جَلَسَتْه تَقِفُ صِحَّةُ صَلَاتِها على غُسْلِهَا منه، فوَجَبَ ذلك، فعلى هذا يَلْزَمُهَا غُسْلٌ ثَانٍ،


(١٢) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>