للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البَدَنَةُ وَاجِبَةً بِنَذْرٍ، أو جَزَاءِ صَيْدٍ، أو كَفَّارَةِ وَطْءٍ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: إنَّما يُجْزِئُ ذلك عنها عندَ عَدَمِها، فى ظَاهِرِ كَلَامِ أحمدَ؛ لأنَّ ذلك بَدَلٌ عنها، فلا يُصارُ إليه مع وُجُودِها، كسائِرِ الأَبْدالِ. فأمَّا مع عَدَمِها فيجوزُ؛ لما رَوَى ابنُ عَبّاسٍ، قال: أتَى النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلٌ، فقال: إنَّ عَلَىَّ بَدَنَةً، وأنا مُوسِرٌ بها (١)، ولا أجِدُهَا فأشْتَرِيَها. فأَمَرَه النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يَبْتَاعَ سَبْعَ شِيَاهٍ فيَذْبَحَهُنَّ. رَوَاهُ ابنُ مَاجَه (٢). ولَنا، أنَّ الشَّاةَ مَعْدُولَةٌ بِسُبْعِ بَدَنَةٍ، وهى أطْيَبُ لَحْمًا، فإذا عَدَلَ عن الأدْنَى إلى الأعْلَى جَازَ، كما لو ذَبَحَ بَدَنَةً مَكَانَ شَاةٍ.

فصل: ومن وَجَبَ عليه سَبْعٌ من الغَنَمِ فى جَزَاءِ الصَّيْدِ، لم يُجْزِئْهُ بَدَنَةٌ فى الظَّاهِرِ؛ لأنَّ سَبْعًا من الغنَمِ أطْيَبُ لَحْمًا، فلا يُعْدَلُ عن الأعْلَى إلى الأدْنَى، وإن كان ذلك فى كَفَّارَةِ مَحْظُورٍ، أجْزَأَهُ بَدَنَةٌ؛ لأنَّ الدَّمَ الوَاجِبَ فيه مَا اسْتَيْسَرَ من الهَدْىِ، وهو شَاةٌ، أو سُبْعُ بَدَنَةٍ، وقد كان أصْحابُ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَمَتَّعُونَ، فيَذْبَحُونَ البَقَرَةَ عن سَبْعَةٍ، قال جَابِرٌ: كُنَّا نَتَمَتَّعُ مع رسولِ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فنَذْبَحُ البَقَرَةَ عن سَبْعَةٍ، نَشْتَرِكُ فيها. وفى لَفْظٍ: أمَرَنَا رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن نَشْتَرِكَ فى الإِبِل والبَقَرِ، كُلُّ سَبْعَةٍ مِنَّا فى بَدَنَةٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٣).

فصل: ومَن وَجَبَتْ عليه بَقَرَةٌ، أجْزَأَتْهُ بَدَنَةٌ: لأنَّها أكْثَرُ لَحْمًا وأوْفَرُ. ويُجْزِئُهُ سَبْعٌ من الغَنَمِ؛ لأنَّها تُجْزِئُ عن البَدَنَةِ، فعن البَقَرَةِ أوْلَى. ومن لَزِمَهُ بَدَنَةٌ، فى غيرِ النَّذْرِ وجَزَاءِ الصَّيْدِ، أجْزَأَتْه بَقَرَةٌ؛ لما رَوَى أبو الزُّبَيْرِ، عن


(١) فى النسخ: "لها".
(٢) فى: باب كم تجزئ من الغنم عن البدنة، من كتاب الأضاحى. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠٤٨.
كما أخرجه الإمام أحمد، فى: المسند ١/ ٣١١، ٣١٢.
(٣) فى: باب الاشتراك فى الهدى. . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم ٢/ ٩٥٦.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى البقر والجزور عن كم تجزئ، من كتاب الأضاحى. سنن أبى داود ٢/ ٨٩. والنسائى، فى: باب مما تجزئ عنه البقرة فى الضحايا، من كتاب الضحايا. المجتبى ٧/ ١٩٥. والإمام أحمد، فى: المسند ٣/ ٣٠٤، ٣١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>