للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالحُكْمُ فى هذا كُلِّه كالحُكْمِ فى المُطَلَّقَة ثلاثًا.

فصل: ولو طلَّقَها ثلاثًا، ثم جَحَدَ طَلاقَها، لم تَرِثْه. نَصَّ عليه أحمدُ. وبه قال قَتادةُ، وأبو حنيفةَ، وأبو يوسفَ، والشَّافعىُّ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال الحسنُ: تَرِثُه؛ لأنَّها فى حُكْمِ الزَّوْجاتِ ظاهرًا. ولَنا، أنَّها تَعْلَمُ أنَّها أجْنَبِيَّةٌ، فلم تَرِثْه، كسائرِ الأجْنَبِيَّاتِ. وقال أحمدُ، فى روايةِ أبى طالبٍ: تَهْرُبُ منه، ولا تَتَزَوَّجُ حتى يُظْهِرَ طلاقَها، وتَعْلَمَ ذلك، يَجِىءُ فَيَدَّعِيها، فتُرَدُّ عليه وتُعَاقَبُ. وإِنْ ماتَ ولم يُقِرَّ بِطَلاقِها، لا تَرِثُه، لا تَأْخُذُ ما ليس لها، تَفِرُّ منه، ولا تَخْرُجُ مِن البَلَدِ، ولكنْ تختفى فى بلدِها. قِيلَ له: فإنَّ بعضَ النَّاس قال: تَقْتُلُه، هى بمَنْزِلَةِ مَنْ يَدْفَعُ عن نفسِه. فلم يُعْجِبْه ذلك. فَمَنعَها من التَّزْويج قبلَ ثُبُوتِ طلاقِها؛ لأنَّها فى ظاهرِ الحُكمِ زوجةُ هذا المُطَلِّقِ، فإذا تَزَوَّجَتْ غيرَه، وَجَبَ عليها فى ظاهرِ الشَّرْعِ العقوبةُ، والرَّدُّ إلى الأوَّلِ، ويَجْتَمِعُ عليها زَوْجانِ، هذا بظاهرِ الأمْرِ، وذاك بباطنِه، ولم يأْذَنْ لها فى الخروجِ مِن البلدِ؛ لأنَّ ذلك يُقَوِّى التُّهْمَةَ فى نُشُوزِها، ولا (١٨) فى قَتْلِه قَصْدًا؛ لأنَّ الدَّفِعَ عن نفسِه لا يَقْتُلُ قَصْدًا، فأمَّا إنْ قَصَدَتِ الدّفْعَ عن نَفْسِها، فآلَ إلى نفسِه، فلا إثْمَ عليها، ولا ضَمانَ فى الباطِنِ، فأمَّا فى الظّاهِرِ، فإنَّها تُوخَذُ بِحُكْمِ القَتْلِ، ما لم يَثْبُتْ صِدْقُها.

فصل: قال أحمدُ: إذا طلَّقَها ثلاثًا، فشَهِدَ عليه أربعة أنَّه وَطِئَها، أُقِيمَ عليه الْحَدُّ. إنما أوْجَبَه لأنَّها صارت بالطَّلاقِ أجْنَبِيَّةً، فهى كسائرِ الأجْنَبِيَّاتِ، بل هى أشَدُّ تحْريمًا؛ لأنَّها مُحَرَّمَةٌ وَطْئًا ونِكاحًا. فإنْ جَحَدَ طَلاقَها وَوَطِئَها، ثم قامَتِ البَيِّنَةُ بطَلاقِه، فلا حَدَّ عليه. وبهذا قالَ الشَّعْبِىُّ، ومالكٌ، وأهلُ الحجازِ، والثَّوْرِىُّ، والأوْزَاعِىُّ، ورَبِيعةُ، والشَّافعىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ؛ لأنَّ جَحْدَه لطلاقِه يُوهِمُنا أنَّه [نَسِيَه، وذلك] (١٩) شُبْهَةٌ فى دَرْءِ الحَدِّ عنه، ولا سبيلَ لنا إلى عِلْمِ مَعْرِفَتِه بالطَّلاقِ


(١٨) فى الأصل، ب، م: "ولأن".
(١٩) سقط من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>