للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنْكَرَ" (١١). ولأنَّه يَصِحُّ مِن الزَّوْجِ بَذْلُه، فَيُسْتَحْلَفُ فيه، كالمَهْرِ. ونَقَلَ [ابن منصور] (١٢) عنه: لا يُسْتَحْلَفُ فى الطَّلاقِ والنِّكاحِ؛ لأنَّه (١٣) لا يُقْضَى فيه بالنُّكُولِ، فلا يُسْتَحْلَفُ فيه، كالنِّكاحِ إذا ادَّعَى زَوْجِيَّتَها فأنْكَرَتْه. وإن اخْتلَفا فى عَدَدِ الطَّلاقِ، فالقولُ قولُه؛ لما ذَكَرْنَاه. فإذا طلَّقَ ثلاثًا، وسَمِعَتْ ذلك، وأنكَرَ، أو ثَبَتَ ذلك عِنْدَها بقولِ عَدْلَينِ، لم يَحِلَّ لها تَمْكِينُه مِن نَفْسِها، وعليها أَنْ تَفِرَّ منه ما استطاعَتْ، وتَمتنِعَ منه إذا أرادَها، وتَفْتدِىَ منه إن قَدَرَتْ. قال أحمدُ: لا يَسَعُها أَنْ تُقِيمَ معه. وقال أيضًا: تَفْتدِى منه بما تَقْدِرُ عليه، فإن أُجْبِرَتْ على ذلك فلا تَزَيَّنُ له، ولا تَقْرَبُهُ، وتَّهْرُبُ (١٤) إنْ قَدَرَتْ. وإِنْ شَهِدَ عندها عَدْلانِ، غيرُ مُتَّهَمَيْنِ، فلا تُقِيمُ معه. وهذا قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ. قال جابرُ بن زيدٍ، وحمادُ بنُ أبى سليمانَ، وابن سِيرينَ: تَفِرُّ منه ما اسْتطاعَتْ، وتَفْتدِى منه بِكُل [ما يُمْكِنُ] (١٥). وقال الثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ، وأبو يوسفَ، وأبو عُبَيدٍ: تَفِرُّ منه. وقال مالكٌ: لا تَتَزَيَّنُ له، ولا تُبْدِى له شيئًا من شَعْرِها ولا عُرْيَتِهَا (١٦)، ولا يُصِيبُها إلَّا وهى مُكْرَهَةٌ. ورُوِىَ عن الحَسَنِ، والزُّهْرِىِّ، والنَّخَعِىِّ: يُسْتَحْلَفُ، ثم يَكونُ الإِثْمُ عليه. والصَّحيحُ ما قالَه الأوَّلُونَ؛ لأنَّ هذه تَعْلمُ أنَّها أجْنَبِيَّةٌ منه، مُحَرَّمَة عليه، فوَجَبَ عليها الامْتناعُ، والفِرارُ منه، كسَائِرِ الأجْنَبِيَّاتِ. وهكذا لو ادَّعَى نِكاحَ امرأةٍ كَذِبًا، وأقامَ بذلك شاهِدَىْ زُورٍ، فحَكَمَ له الحاكمُ بالزَّوجِيَّةِ، أو لو (١٧) تَزَوَّجَها تَزْويجًا باطلًا، وسُلِّمَتْ إليه بذلك،


(١١) أخرجه الدارقطنى، فى: باب فى المرأة تقتل إذا ارتدت، من كتاب فى الأقضية والأحكام وغير ذلك. سنن الدارقطنى ٤/ ٢١٨. والبيهقى، فى: باب البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه، من كتاب الدعوى والبينات. السنن الكبرى ١٠/ ٢٥٢، ٢٥٣. والإمام الشافعى فى مسنده. انظر: ترتيب المسند ٢/ ١٨١.
(١٢) فى م: "أبو طالب".
(١٣) سقط من: الأصل.
(١٤) فى أزيادة: "منه".
(١٥) فى ب: "ممكن".
(١٦) عريتها: مُجَرَّدها.
(١٧) فى م: "ولو".

<<  <  ج: ص:  >  >>