للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحْكُمَ فى الضَّبِّ (٤٦)، ولم يَسْأَل أفَقِيهٌ هو أمْ لا؟ لكن تُعْتَبَرُ العَدَالَةُ؛ لأنَّها مَنْصُوصٌ عليها، ولأنَّها شَرْطٌ فى قبُولِ القَوْلِ على الغيرِ فى سَائِرِ الأماكِن، وتُعْتَبَرُ الخِبْرَةُ؛ لأنَّه لا يَتَمَكَّنُ من الحُكْمِ بالمِثْلِ إلَّا مَن له خِبْرَةٌ، ولأنَّ الخِبْرَةَ بما يَحْكُمُ به شَرْطٌ فى سَائِرِ الحُكَّامِ. ويجوزُ أن يَكُونَ القَاتِلُ أحَدَ العَدْلَيْنِ. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ، وإسحاقُ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال النَّخَعِىُّ: ليس له ذلك؛ لأنَّ الإِنْسانَ لا يَحْكُمُ لِنَفْسِه. ولَنا، عُمومُ قَوْلِه تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ}. والقاتِلُ مع غيرِه ذَوَا عَدْلٍ مِنَّا. وقد رَوَى سَعِيدٌ فى "سُنَنِه"، والشَّافِعِىُّ، في "مُسْنَدِه" (٤٦)، عن طَارِقِ بن شِهابٍ، قال: خَرَجْنَا حُجَّاجًا، فأوْطَأَ رَجُلٌ مِنَّا يُقَالُ له أَرْبَدُ ضَبًّا. ففَزَرَ (٤٧) ظَهْرَهُ، فقَدِمْنا على عمرَ، رَضِىَ اللَّه عنه، فسَأَله (٤٨) أَرْبَدُ، فقال له: احْكُمْ يا أَرْبَدُ فيه. قال: أنْتَ خَيْرٌ مِنِّى يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ. قال: إنَّما أمَرْتُكَ أن تَحْكُمَ، ولم آمُرْكَ أن تُزَكِّيَنِى. فقال أرْبَدُ: أرَى فيه جَدْيًا قد جَمَعَ الماءَ والشَّجَرَ. قال عمرُ: فذلك فيه. فأمَرَه عمرُ أن يَحْكُمَ فيه (٤٩) وهو القَاتِلُ، وأمَرَ أيضًا كَعْبَ الأحْبَارِ أن يَحْكُمَ على نَفْسِه فى الجَرَادَتَيْنِ اللَّتَيْنِ صَادَهُما وهو مُحْرِمٌ (٥٠). ولأنَّه مَالٌ يَخْرُجُ فى حَقِّ اللَّه تعالى، فجازَ أن يكونَ مَن وَجَبَ عليه أمِينًا فيه، كالزكاةِ.

فصل: قال أصْحابُنا: فى كَبِيرِ الصَّيْدِ كَبِيرٌ (٥١) مثلُه من النَّعَمِ، وفى الصَّغِيرِ


(٤٦) فى: باب فيما يباح للمحرم وما يحرم. . .، من كتاب الحج. ترتيب مسند الشافعى للسندى ١/ ٣٣٢.
(٤٧) فزر ظهره: شقه.
(٤٨) فى أ، ب، م: "فسألنا".
(٤٩) سقط من: الأصل، أ.
(٥٠) أخرجه الإِمام الشافعى، فى الباب السابق. ترتيب مسند الشافعى ١/ ٣٢٧.
(٥١) سقط من: الأصل، ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>