للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعمَّتِه وخالَتِه وأُخْتِه. فهذا ظِهارٌ فى قولِ أكثرِ أهل العلمِ؛ منهم الحسنُ، وعَطاءٌ، وجابرُ بنُ زيدٍ، والشَّعْبىُّ، والنَّخَعِىُّ، والزُّهْرِىُّ، والثَّوْرِىُّ، والأوْزاعِىُّ، ومالِكٌ، وإسْحاقُ، وأبو عُبَيْدٍ، وأبو ثَوْرٍ، وأصحابُ الرَّأْىِ. وهو جديدُ قَوْلَىِ (٢) الشَّافِعِىِّ. وقال فى القديم: لا يكون الظِّهارُ إلَّا بأُمٍّ أو جَدَّةٍ؛ لأنّها أُمٌّ أيضًا؛ لأنَّ اللَّفْظَ الَّذى وَرَدَ به القُرآنُ مُخْتَصٌّ بالأُمِّ، فإذا عَدَلَ عنه، لم يَتَعَلَّقْ به ما أوجَبَه اللَّهُ تعالى فيهِ. ولَنا، أنَّهنَّ مُحَرَّماتٌ بالقَرابةِ، فأشْبَهْنَ الأُمَّ. فأمَّا الآيةُ فقد قال فيها: {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} (٣). وهذا موجودٌ فى مَسْألتِنا، فجَرَى مَجْراه. وتعليقُ الحكمِ بالأُمِّ لا يَمْنَعُ ثُبوت الحكمِ فى غيرِها إذا كانت مِثْلَها. الضَّرْبُ الثَّالِثُ، أَنْ يُشَبِّهَهَا بِظَهْرِ من تَحْرُمُ عليه على التَّأْبيدِ سِوَى الأقاربِ، كالأُمَّهاتِ المُرْضِعاتِ، والأخَواتِ (٤) مِنَ الرَّضاعَةِ، وحلائِلِ الآباءِ والأبناءِ، وأُمَّهاتِ النِّساءِ، والرَّبائِبِ اللَّائِى دَخَلَ بأُمِّهنَّ، فهو ظِهارٌ أيضًا. والخِلافُ فيها كالَّتى قَبْلَها. ووجْهُ المذهبَيْنِ ما تَقَدَّمَ، ويَزِيدُ [فى الأُمَّهاتِ] (٥) المُرضِعاتِ دُخُولُها فى عُمُومِ الأمَّهاتِ، فتكُونُ داخِلةً فى النَّصِّ، وسائِرُهُنَّ فى معناها، فيَثْبُتُ (٦) فيهنَّ حكمُها.

الفصلُ الثَّانى: إذا شَبَّهَها بِظَهْرِ مَن تَحْرُمُ عليه تحريمًا مُؤَقَّتًا؛ كأُخْتِ امرأَتِه، وعَمَّتِها، أو الأجْنَبِيَّةِ (٧). فَعَن أحمدَ فيه رِوَايتانِ؛ إحداهما، أنَّه ظِهارٌ. وهو اخْتيارُ الخِرَقِيِّ وقَوْلُ أصحابِ مالِكٍ، والثَّانِيَةُ، ليس بِظهارٍ. وهو مذهبُ الشَّافِعِىِّ؛ لأنَّها غيرُ مُحَرَّمَةٍ على التَّأْبيدِ، فَلا يكونُ التَّشْبِيهُ بها ظهارًا، كالحائِضِ، والمُحْرِمَةِ مِنْ نسائِه. ووَجْهُ الأوَّلِ، أنَّه شَبَّهها بِمُحَرَّمَةٍ، فأشْبَهَ ما لو شبَّهها بالأُمِّ، ولأنَّ مُجَرَّدَ قَوْلِه:


(٢) فى ب: "قول".
(٣) سورة المجادلة ٢.
(٤) فى م: "والأخوال".
(٥) فى الأصل: "بالأمهات".
(٦) فى ب، م: "فثبت".
(٧) فى الأصل: "والأجنبية".

<<  <  ج: ص:  >  >>