للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجَدُّ أبو الأبِ وإن عَلَا، ثم الابنُ، ثم ابْنُه وإن نَزَلَ، ثم الأخُ الذي هو عَصَبَةٌ، ثم ابْنُه، ثم الأقْرَبُ فالأقْرَبُ من العَصَبَاتِ. وقال أبو بكرٍ: إذا اجْتَمَعَ جَدٌّ وأخٌ، ففيه قَوْلَانِ. وحُكِىَ عن مالِكٍ أنَّ الابْنَ أحَقُّ من الأبِ؛ لأنَّه أقْوَى تَعْصِيبًا منه، بِدَلِيلِ الإِرْثِ، والأخَ أَوْلَى من الجَدِّ؛ لأنَّه يُدْلِى بالبُنُوَّةِ والجَدُّ يُدْلِى بالأُبُوَّةِ. ولَنا، أنَّهما اسْتَوَيَا في الإِدْلَاءِ؛ لأنَّ كُلَّ واحِدٍ منهما يُدْلِى بِنَفْسِه، والأبُ أرَقُّ (١) وأشْفَقُ، ودُعَاؤْه لابْنِه أقْرَبُ إلى الإِجابَةِ، فكان أوْلَى، كالقَرِيبِ مع البَعِيد، إذْ كان المَقْصُودُ الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ، والشَّفاعَةَ له، بِخِلافِ المِيرَاثِ.

فصل: وإن اجْتَمَعَ زَوْجُ المَرْأَةِ وعَصبَتُها، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ تَقْدِيمُ العَصَباتِ، وهو أكْثَرُ الرِّوَاياتِ عن أحمدَ، وقولُ سَعِيدِ بن المُسَيَّبِ، والزُّهْرِيِّ، وبُكَيْرِ ابن الأشَجِّ، ومذهبُ أبي حنيفةَ، ومالِكٍ، والشَّافِعِيُّ، إلَّا أن أبا حنيفةَ يُقَدِّمُ زَوْجَ المَرْأَةِ على ابْنِها منه. وَرُوِىَ عن أحمدَ تَقْدِيمُ الزَّوْجِ على العَصَباتِ؛ لأنَّ أبا بَكْرةَ صَلَّى على امْرَأَتِه، ولم يَسْتَأْذِنْ إخْوَتَها. وَرُوِىَ ذلك عن ابنِ عَبَّاسٍ، والشَّعْبِيِّ، وعَطاءٍ، وعمرَ بن عبدِ العزيزِ، وإسْحاقَ، ولأنَّه أحَقُّ بالغُسْلِ، فكان أَحَقَّ بالصَّلاةِ، كمَحَلِّ الوِفَاق. ولَنا، أنَّه يُرْوَى عن عمرَ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّه قال لأهْلِ امْرَأتِه: أنْتُم أحَقُّ بها (٢). ولأنَّ الزَّوْجَ قد زَالَتْ زَوْجِيَّتُه بالمَوْتِ، فصَارَ أجْنَبِيًّا، والقَرَابَةُ لم تَزُلْ، فعلى هذه الرِّوَايَةِ، إنْ لم يَكُنْ لها عَصَبَاتٌ، فالزَّوْجُ أوْلَى؛ لأنَّ له سَبَبًا وشَفَقَةً، فكان أوْلَى من الأجْنَبِيِّ.

فصل: فإن اجْتَمَعَ أخٌ من الأبوَيْنِ، وأخٌ من أبٍ، ففى تَقْدِيمِ الأخِ من الأبَوَيْنِ، أو التَّسْوِيَةِ، وَجْهَانِ، أخْذًا من الرِّوَايَتَيْنِ في وِلَايَةِ النِّكَاحِ، والحُكْمُ في


(١) في أ، م: "أرأف".
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب في الزوج والأخ أيهما أحق بالصلاة، من كتاب الجنائز. المصنف ٣/ ٣٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>