للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَوْمِى. أمْهِلَ بقَدْرِ ذلك؛ فإنَّه يُعْتَبَرُ أَنْ يَصِيرَ إلى حالٍ يُجامِعُ فى مِثْلِها فى العادَةِ. وكذلك يُمْهَلُ حتَّى يَرْجِعَ إلى بَيْتِه؛ [لأنَّ العادةَ فِعْلُ ذلك فى بَيْتِه] (٢٤). وإِنْ كان لها عُذْرٌ يَمْنَعُ من وَطْئِها، لم يكُنْ لها المُطالبةُ بالفَيْئَةِ؛ لأنَّ الوطءَ مُمْتَنِعٌ من جِهَتِها، فلم يكُنْ لها مُطالبتُه بما يَمْنَعُه منه، ولأنَّ المُطالبةَ فَرْعُ (٢٥) الاسْتِحْقاقِ، وهى لا تسْتَحِقُّ الوَطْءَ فى هذه الأحْوالِ، وليس لها المُطالبةُ بالطَّلاقِ؛ لأنَّه إنَّما يُسْتَحَقُّ عندَ امْتناعِه من الفَيْئَة الواجِبَةِ، ولم يَجِبْ عليه شىءٌ، ولكنْ تتأخَّرُ المُطالَبةُ إلى حالِ زوالِ العُذْرِ، إن لم يكُنِ العُذْرُ قاطعًا للمُدَّةِ كالحَيْضِ، أو كان العُذْرُ حَدَثَ بعدَ انْقضاءِ المدَّةِ.

فصل: فإنْ عفتْ عن المُطالَبَةِ بعدَ وُجوبِها، فقال بعضُ أصْحابِنا: يَسْقُطُ حقُّها، وليس لها المُطالَبةُ بعدَه. وقال القاضى: هذا قياسُ المذهَبِ؛ لِأنَّها رَضِيَتْ بإسْقاطِ حقِّها من الفَسْخِ لِعَدَمِ الوطءِ، فَسَقَطَ حقُّها منه، كامرأةِ العِنِّينِ إذا رَضِيَتْ بِعُنَّتِه. ويَحْتَمِلُ أَنْ لا يَسْقُطَ حقُّها، ولها المُطالَبةُ متى شاءَتْ. وهذا مذهبُ الشَّافِعِىِّ؛ لأنَّها تَثْبُتُ لِرَفْعِ الضَّرَرِ بتَرْكِ ما يَتَجَدَّدُ مع الأحْوالِ، فكان لها الرُّجُوعُ، كما لو أَعْسَرَ بالنَّفَقَةِ، فعَفَّتْ عن المُطالَبةِ بالفَسْخِ، ثم طالَبَتْ، وفارَقَ الفَسْخَ للعُنَّةِ؛ فإنَّه فَسْخٌ لعَيْبِه، فمتى رَضِيَتْ بالعَيْبِ، سَقَطَ حَقُّها، كما لو عَفا المُشْتَرِى عن عَيْبِ المَبِيعِ، وإِنْ سَكَتَتْ عن المُطالَبةِ، ثمَّ طالَبَتْ بعدُ، فلها ذلك؛ لأنَّ حقَّها يَثْبُتُ على التَّراخِى، فلم يَسْقُطْ بتأْخِيرِ المُطالَبةِ، كاسْتِحْقاقِ النَّفَقَةِ.

فصل: والأمَةُ كالحُرَّةِ فى اسْتِحْقاقِ المطالَبةِ، سَواءٌ عَفا السَّيِّدُ عن ذلك أو لم يَعْفُ؛ لِأنَّ الحَقَّ لها، حيثُ كان الاسْتِمْتاعُ يَحْصُل لها. فإنْ تَرَكَتِ المُطالَبةَ، لم يكنْ لِمَوْلاها الطَّلَبُ؛ لأنَّه لا حَقَّ له. فإنْ قيل: حَقُّه فى الولد، ولهذا لم يَجُزِ العَزْلُ عنها [إلَّا بإِذْنِه] (٢٦). قُلْنا: لا يسْتَحِقُّ على الزَّوْجِ اسْتيلادَ المرأةِ؛ ولذلك (٢٧) لو حَلَفَ لَيَعْزِلَنَّ


(٢٤) سقط من: م.
(٢٥) فى الأصل، ب، م: "مع".
(٢٦) سقط من: الأصل.
(٢٧) سقط من: الأصل، م. وفى ب: "وذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>