للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَزَوَّجَها، فقد أحْسَنَ إِليها بإعْفافِها (٣٠) وصِيانَتِها، فلم يُكْرَه، كما لو زَوَّجَها غيرَه، وليس فى هذا رُجُوعٌ فيما جُعِلَ للَّه تعالى؛ فإنَّه إنَّما يتَزَوَّجُها بصَدَاقِها، فهو بمَنْزِلةِ من اشْتَرَى منها شَيْئًا.

فصل: وإذا أراد أن يتَزَوَّجَها بعد عِتْقِها، لم يَحْتَجْ إلى اسْتِبْراءٍ، سواءٌ كان يَطَؤُها أو لم يكُنْ يطَؤُها (٣١)؛ لأنَّ الاسْتِبْراءَ لصِيانةِ الماءِ، ولا يُصانُ ذلك عنه. فإن اشْتَرى أمَةً فأعْتَقَها قبلَ أن يَسْتَبْرِئَها، لم يَحِلَّ له أن يتَزَوَّجَها ولا يُزَوّجَها حتى يَسْتَبْرِئَها؛ لأنَّه كان واجِبًا، فلا يَسْقُطُ بإعْتاقِه لها. قال أحمدُ، فى الرَّجُلِ تكونُ له الأمَةُ (٣٢) لايطَؤُها فيُعْتِقُها: لا يتَزَوَّجُها من يَوْمِها حتى يَسْتَبْرِئَها، فإن كان يَطَؤُها فأعْتَقَها، تزَوَّجَها من يَوْمِه، ومتى شاءَ؛ لأنَّها فى مائِه. قال القاضى: معنى قوله: إن كان يَطَؤُها. أن يَحِلَّ له وَطْؤُها وهى التى قد اسْتَبْرَأها. وقوله: إن كان لا يَطَؤُها. أى لا يحِلُّ له وَطْؤُها وهى التى لم يَمْضِ عليها زَمانُ الاسْتِبْراءِ، فلا يحلُّ له تَزَوُّجُها (٣٣) حتى يسْتَبْرِئَها. وإذا مَضَى لها بعضُ الاسْتِبراءِ قبلَ عِتْقِها، أتَمَّتْه بعدَه، ولا يَلْزَمُها اسْتِئْنافُ الاسْتِبراءِ؛ لأنَّ الاستبراءَ وَجَبَ بالشِّراءِ، لا بالعِتْقِ، فيُحْسَبُ ابتداؤُه من حين وُجِدَ سَبَبُه (٣٤).

فصل: وإذا (٣٥) قال: أعْتِقْ عَبْدَكَ، على أن أُزَوِّجَكَ ابْنَتِى. فأعْتَقَه، لم يَلْزَمْه أن يُزَوِّجَه ابْنَتَه؛ لأنَّه سَلَفٌ فى نِكاحٍ (٣٦)، وعليه قِيمةُ العَبْدِ. وقال الشافعىُّ، فى أحدِ القَوْلَيْن (٣٧): لا يَلْزَمُه شىءٌ؛ لأنَّه لا فائدةَ له فى العِتْقِ. ولَنا، أنَّه أزَالَ مِلْكَه عن عَبْدِه


(٣٠) فى الأصل: "بإعتاقها".
(٣١) سقط من: م.
(٣٢) فى الأصل: "أمة".
(٣٣) فى الأصل: "تزويجها".
(٣٤) فى الأصل: "سبب".
(٣٥) فى أ، م: "وإن".
(٣٦) فى م: "النكاح".
(٣٧) فى م: "قوليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>