للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأدَاءِ، صار دَيْنًا فى ذِمَّتِه، وقد صار حُرًّا. ووَجْهُ الرِّوايةِ الأُولَى، ما رَوَى عَمْرُو بنُ شُعَيْبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه، أَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "المُكاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِىَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ" (١٨). وقوله: "أَيُّما عَبْدٍ كَاتَبَ عَلَى مِائَةِ أُوَقِيَّةٍ، فَأدَّاهَا إِلَّا عَشْرَ أوَاقٍ، فَهُوَ عَبْدٌ، وأُيُّما عَبْدٍ كَاتَبَ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ، فَأدَّاهَا إِلَّا عَشْرَةَ دَنَانِيرَ، فَهُوَ عَبْدٌ". روَاه سعيدٌ (١٩). وفى رِوايةٍ: "مَنْ كَاتَب عَبْدَهُ عَلَى مِائَةِ أُوقِيَّةٍ، فَأدَّاها إِلَّا عَشْرَ أواقٍ". أو قال: "إِلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، ثُمَّ عَجَزَ، فَهُوَ رَقِيقٌ". روَاه التِّرْمِذِىُّ (١٩)، وقال: هذا حديثٌ حسنٌ (٢٠) غريبٌ. ولأنَّه عِتْقٌ عُلِّقَ بعِوَضٍ، فلم يَعْتِقْ قبلَ أدَائِه، كما لو قال: إذا أدَّيْتَ إلىَّ ألْفًا (٢١)، فأنتَ حُرٌّ. فعلى هذه الرِّوايةِ، إِنْ أدَّى عَتَقَ، وإن لم يُؤَدِّ لم يَعْتِقْ. فإن امْتَنَعَ من الأداءِ، فقال أبو بكرٍ: يُؤَدِّيه الإِمامُ منه، ولا يكونُ ذلك عَجْزًا، ولا يَمْلِكُ السَّيِّدُ الفَسْخَ. وهو قولُ أبى حنيفة. ويَحْتَمِلُ كلامُ الْخِرَقِىِّ، أنَّه إذا لم يُؤَدِّ، عَجَّزَه السَّيِّدُ إن أحَبَّ، فإنَّه قال: إذا لم يُؤَدِّ نَجْمًا، حتى حَلَّ نَجْمٌ آخرُ، عَجَّزَه السَّيِّدَ إِنْ أحَبَّ، وعادَ عبدًا غيرَ مُكاتَبٍ. ونحوَه قال الشافعىُّ؛ فإنَّه قال: إِنْ شاء عَجَّزَ نَفْسَه، وامْتَنَعَ مِن الأداءِ. ووَجْهُه أَنَّ العبدَ لا يُجْبَرُ على اكْتِساب ما يُؤَدِّيه فى الكِتابةِ، فلا يُجْبَرُ على الأداءِ، كسائرِ العُقُودِ الجائزةِ. ووَجْهُ الأوَّلِ، أنَّه [قد ثَبَتَ للعبدِ] (٢٢) اسْتِحْقاقُ الحُرِّيَّةِ بمِلْكِ ما يُؤَدِّى، فلم يَمْلِكْ إبْطالَها، كما لو أَدَّى. فإنْ تَلِفَ المالُ قبلَ أدائِه، جاز تَعْجِيِزُه (٢٣) واسْتِرْقاقه. وَجْهًا واحدًا.

١٩٨٢ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا أَدَّى بَعْضَ كِتَابَتِهِ، وَمَاتَ وَفِى يَدِه وَفَاءٌ وَفَضْلٌ، فَهُو لِسَيِّدِه. فِى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. والْأُخْرَى، لِسَيِّدهِ بَقِيَّةُ كِتَابَتِهِ، والْبَاقِى لِوَرَثَتِهِ)

يَحْتَمِلُ أَنَّ هذه المسألةَ مَبْنِيَّةٌ على ما قبلَها، فإذا قُلْنا: إنَّه لا يَعْتِقُ بمِلْكِ ما يُؤَدِّى. فقد


(١٨) تقدم تخريجه، فى: ٩/ ١٢٤، ١٢٥.
(١٩) تقدم تخريجه، فى: ٩/ ١٢٥.
(٢٠) سقط من: الأصل، أ، ب.
(٢١) سقط من: ب.
(٢٢) فى م: "يثبت للعقد".
(٢٣) فى ب، م: "بعجزه".

<<  <  ج: ص:  >  >>