للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شاءَ أخَذَ أرْشَها، ثم إنْ كان عيبُها يمنَعُ إجْزاءَها، لم يكُنْ له التَّضْحِيَةَ بها، وإلَّا فله أَنْ يُضَحِّىَ بها، والأرْشُ له. وإِنْ أوْجَبَها، ثم عَلِمَ أنَّها مَعِيبَةٌ، فذَكَرَ القاضِى أنَّه مُخَيَّرٌ بينَ رَدِّها وأخْذِ أرشِها، فإنْ أخَذَ أرشَها، فحكمُه حكمُ الزائِدِ عن قيمَةِ الأُضْحِيَةِ، على ما ذَكَرْناه. ويَحْتَمِلُ أَنْ يكونَ الأرْشُ له؛ لأنَّ إيجابَها إنَّما صادَفَها بدونِ هذا الذى أَخَذَ أرْشَه، فلم يتعلَّقِ الإيجابُ بالأَرْشِ، ولا بمُبْدَ لِه، فأشْبَهَ ما لو تَصَدَّقَ بها ثم أخَذَ أرْشَها. وعلى قولِ أبى الخَطَّاب: لا يملكُ رَدَّها؛ لأنَّه قد زالَ مِلْكُه عنها بإيجابِها، فأشْبَهَ ما لو اشْتَرَى عَبْدًا مَعِيبًا فأعْتَقَه، ثم علِم عَيْبَه. وهذا مذهبُ الشافِعِىِّ. فعلى هذا يَتَعَيَّنُ أخْذُ الأرْشِ. وفى كونِ الأرْشِ للمُشْترِى، ووُجوبِه فى التَّضْحِيَةِ، وجْهان، ثم نَنْظُرُ؛ فإنْ كان عَيْبُها لا يَمْنعُ إجْزاءَها، فقد صَحَّ إيجابُها، والتَّضْحِيَةُ بها، وإِنْ كان عَيْبُها يَمْنعُ إجْزاءَها، فحكمُه حكمُ ما لو أوجَبها عالِمًا بِعَيْبِها، على ما سَنَذْكُرُه فى موضِعِه، إنْ شاءَ اللَّهُ تعالى.

١٧٥٥ - مسألة؛ قال: (وإنْ وَلَدَتْ، ذَبَحَ وَلَدَها مَعَها)

وجُمْلَتُه أنَّه إذا عيَّنَ أُضْحِيَةً، فوَلَدَت، فولَدُها تابعٌ لها، حُكْمُه حُكْمُها، سواءٌ كان حَمْلًا حالَ (١) التَّعْيِينِ، أو حَدَث بعدَه. وبهذا قال الشافِعِىُّ. وعن أبى حَنِيفَةَ، لا يَذْبَحُه، ويَدْفَعُه إلى المساكِين حَيًّا، وإِنْ ذَبَحَه، دَفَعَه إليهم مَذْبُوحًا، وأرْشَ ما نَقَصَه الذَّبْحُ؛ لأنَّه مِن نَمائِها، فيَلْزَمُه (٢) دَفْعُه إليهم على صِفَتِه، كصُوفِها وشَعَرِها. ولَنا، إن اسْتِحْقاقَ ولَدِها حُكْمٌ يثبتُ للولدِ بطريقِ السِّرايَةِ من الأم، فيثْبُتُ له ما يثْبُتُ (٣) لها، كوَلدِ أُمِّ الولَدِ والمُدَبَّرَةِ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه يَذْبَحُه كما يَذْبَحُها؛ لأَنّه صارَ أُضْحِيَةً على وَجْهِ التَّبَعِ لأُمِّه، ولا يجوزُ ذَبْحُه قبلَ يومِ النَّحْرِ، ولا تأخيرُه عن أيَّامِه، كأُمه. وقد رُوِىَ عن علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أَنَّ رجُلًا سَألَه، فقال: يا أمِيرَ المُؤمِنين، إنِّى اشْتَرَيْتُ هذه البَقَرَةَ لأُضَحِّىَ بها، وإنَّها وَضَعَت هذا العِجْلَ؟ فقال علىٌّ: لا تَحْلِبْها إلَّا فُضُلًا عن تَيْسِيرِ


(١) فى م: "حين".
(٢) فى م: "فلزمه".
(٣) فى الأصل: "ثبت".

<<  <  ج: ص:  >  >>