للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُحْتَالُ، ولا بَيِّنَةَ بذلك، لم يُقْبَلْ قَوْلُهُما عليه؛ لأنَّهما يُبْطِلَانِ حَقَّهُ، أشْبَه (٧) ما لو بَاعَ المُشْتَرِى العَبْدَ، ثم اعْتَرَفَ هو وبَائِعُه أنَّه كان حُرًّا، لم يُقْبَلْ قَوْلُهما على المُشْتَرِى الثانى، وإن أقَامَا بَيِّنَةً، لم تُسْمَعْ؛ لأنَّهما كَذَّبَاهَا بدُخُولِهما في التَّبَايُعِ. وإن أقَامَ العَبْدُ بَيِّنَةً بحُرِّيَّتِه، قُبِلَتْ، وبَطَلَتِ الحَوَالَةُ. وإن صَدَّقَهما المُحْتَالُ، وَادَّعَى أنَّ الحَوَالَةَ بغيرِ ثَمَنِ العَبْدِ، فالقَوْلُ قولُه مع يَمِينِه؛ لأنَّ الأَصْلَ صِحَّةُ الحَوَالَةِ، وهما يَدَّعِيَانِ بُطْلانَها، فكانت جَنْبَتُه أَقْوَى. فإن أقَامَا البَيِّنَةَ أنَّ الحَوَالَةَ كانت بالثَّمَنِ، قُبِلَتْ؛ لأنَّهما لم يُكَذِّباها. وإن اتَّفَقَ المُحِيلُ والمُحْتَالُ على حُرِّيَّةِ العَبْدِ، وكَذَّبَهُما المُحَالُ عليه، لم يُقْبَلْ قَوْلُهما عليه في حُرِّيَّةِ العَبْدِ؛ لأنَّه إقْرَارٌ على غيرِهما، وتَبْطُلُ الحَوَالَةُ؛ لِاتِّفَاقِ المَرْجُوعِ عليه بالدَّيْنِ والرَّاجِعِ به على اسْتِحْقَاقِ الرُّجُوعِ، والمُحَالُ عليه يَعْتَرِفُ لِلْمُحْتَالِ بِدَيْنٍ لا يُصَدِّقُه فيه، فلا يَأْخُذُ منه شيئا. وإن اعْتَرَفَ المُحْتَالُ (٨) والمُحَالُ عليه بِحُرِّيَّةِ العَبْدِ عَتَقَ؛ لإِقْرَارِ مَن هو في يَدِه بحُرِّيَّتِه، وبَطَلَتِ الحَوَالَةُ بالنِّسْبَةِ إليهما، ولم يكُنْ لِلْمُحْتَالِ الرُّجُوعُ على المُحِيلِ؛ لأنَّ دُخُولَه معه في الحَوَالَةِ اعْتِرَافٌ بِبَرَاءَتِه، فلم يكُنْ له الرُّجُوعُ عليه.

فصل: وإن اشْتَرَى عَبْدًا، فأحَالَ المُشْتَرِى البَائِعَ بالثَّمنِ على آخَرَ، فقَبَضَهُ من المُحَالِ عليه، ثم رَدَّ المُشْتَرِى العَبْدَ بِعَيْبٍ، أو مُقَايَلَةٍ، أو اخْتِلَافٍ في ثَمَنٍ، فقد بَرِئَ المُحَالُ عليه؛ لأنَّه قَبَضَ منه بإِذْنِه، ويَرْجِعُ المُشْتَرِى على البَائِعِ. وإن رَدَّهُ قبلَ القَبْضِ، فقال القاضي: تَبْطُلُ الحَوَالَةُ، ويَعُودُ المُشْتَرِى إلى ذِمَّةِ المُحَالِ عليه، ويَبْرَأُ البَائِعُ، فلا يَبْقَى له دَيْنٌ ولا عليه؛ لأنَّ الحَوَالَةَ بالثَّمنِ، وقد سَقَطَ بالفَسْخِ، فيَجِبُ أن تَبْطُلَ الحَوَالَةُ لِذَهَابِ حَقِّه من المالِ المُحَالِ به. وقال أبو الخَطَّابِ: لا تَبْطُلُ الحَوَالَةُ في أحَدِ الوَجْهَيْنِ؛ لأنَّ المُشْتَرِىَ عَوَّضَ البَائِعَ عمَّا في ذِمَّتِه مالَه في ذِمَّةِ المُحَالِ عليه، ونَقَلَ حَقَّهُ إليه نَقْلًا صَحِيحًا، وبَرِئَ من الثَّمَنِ، وَبرِئَ المُحَالُ عليه من دَيْنِ المُشْتَرِى، فلم


(٧) في ب: "فأشبه".
(٨) في الأصل: "المحال".

<<  <  ج: ص:  >  >>