للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُلِّ طَوَافٍ. ولو طَافَ الحَاجُّ طَوافًا كَثِيرًا، لم يَجِبْ عليه إلَّا سَعْىٌ واحِدٌ، فإذا أتَى به مع طَوَافِ القُدُومِ، لم يَأْتِ به بعدَ ذلك، بخِلَافِ الرّكْعَتَيْنِ، فإنَّهما يُشْرَعَانِ عَقِيبَ كلِّ طَوَافٍ.

فصل: وإذا صَلَّى المَكْتُوبَةَ بعدَ طَوَافِه، أجْزَأَتْهُ عن رَكْعَتَى الطَّوَافِ. رُوِىَ نحوُ ذلك عن ابنِ عَبّاسٍ، وعَطاءٍ، وجابِرِ بن زيدٍ، والحسن، وسَعِيدِ بن جُبَيْرٍ، وإسحاقَ. وعن أحمدَ أنَّه يُصَلِّى رَكْعَتَىِ الطَّوَافِ بعدَ المَكْتُوبَةِ. قال أبو بكرٍ عبدُ العزيزِ: هو أَقْيَسُ. وبه قال الزُّهْرِىُّ، ومَالِكٌ، وأصْحابُ الرَّأْىِ؛ لأنَّه سُنَّةٌ، فلم تُجْزِ عنها المَكْتُوبَةُ، كرَكْعَتَىِ الفَجْرِ. ولَنا، أنَّهما رَكْعَتَانِ شُرِعَتَا لِلنُّسُكِ، فأجْزَأتْ عنهما المَكْتُوبَةُ، كرَكْعَتَىِ الإِحْرامِ.

فصل: ولا بَأْسَ أن يَجْمَعَ بين الأسَابِيعِ (١٠)، فإذا فَرَغَ منها رَكَعَ لِكُلِّ أُسْبُوعٍ رَكْعَتَيْنِ، فَعَلَ ذلك عائشةُ، والمِسْوَر بن مَخْرَمَة (١١). وبه قال عَطاءٌ، وطاوُسٌ، وسَعِيدُ بن جُبَيْرٍ، وإسحاقُ. وكَرِهَهُ ابنُ عمرَ، والحسنُ، والزُّهْرِىُّ، ومالِكٌ، وأبو حنيفةَ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يَفْعَلْهُ، ولأنَّ تَأْخِيرَ الرَّكْعَتَيْنِ عن طَوَافِهما يُخِلُّ بِالمُوَالاةِ بينهما. ولَنا، أنَّ الطَّوافَ يَجْرِى مَجْرَى الصلاةِ، يجوزُ جَمْعُها ويُؤَخِّرُ ما بينهما، فيُصَلِّيها بعدَها، كذلك هاهُنا، وكَوْنُ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يَفْعَلْهُ لا يُوجِبُ كَرَاهَةً (١٢)، فإنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يَطُفْ أُسْبُوعَيْنِ ولا ثلاثةً، وذلك غيرُ مَكْرُوهٍ بِالاتِّفاقِ، والمُوَالاةُ غيرُ مُعْتَبَرَةٍ بين الطَّوَافِ والرَّكْعَتَيْنِ، بِدَلِيلِ أنَّ عمرَ صَلَّاهما بِذِى طُوًى، وأَخَّرَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رَكْعَتَىْ طَوَافِها حين (١٣) طَافَتْ رَاكِبَةً بأمْرِ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأَخَّرَ عمرُ


(١٠) أى الطواف سبعا فسبعا.
(١١) المسور بن مخرمة بن نوفل الزهرى، ولد بمكة بعد الهجرة بسنتين، فقدم المدينة فى عقب ذى الحجة سنة ثمان، ومات سنة أربع وستين. تهذيب التهذيب ١٠/ ١٥١.
(١٢) فى الأصل، أ: "كراهية".
(١٣) فى الأصل، أ: "حتى".

<<  <  ج: ص:  >  >>