للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واجبًا، لم يَصِرْ باليَمِينِ على تَرْكِه واجبًا، كسائرِ ما لا يجبُ، ولأنَّ النِّكاحَ شُرِعَ لمصلحةِ الزَّوْجَيْن، ودَفْعِ الضَّرَرِ عنهما، وهو مُفْضٍ [إلى دَفْعِ ضَرَرِ الشَّهْوةِ عن المرأةِ كإفْضائِه] (٢٦) إلى دَفْعِ ذلك عن الرَّجلِ، فيجبُ تعْليلُه بذلك، ويكون النِّكاحُ حقًّا لهما جميعًا، ولأنَّه لو لم يكُنْ لها فيه حقٌّ، لمَا وجبَ اسْتِئْذانُها فى العَزْلِ، كالأمَةِ. إذا ثبتَ وجوبُه، فهو مُقدَّرٌ بأرْبعةِ أشْهُرٍ. نَصَّ عليه أحمدُ. ووَجْهُه أنَّ اللَّه تعالى قدَّرَه بأربعةِ أشْهُرٍ فى حقِّ المُولِى، فكذلك فى حَقِّ غيرِه؛ لأنَّ اليَمِينَ لا تُوجِبُ ما حُلِفَ على تَرْكِه، فيدُلُّ على أنَّه واجِبٌ بدونِها. فإنَّ أصرَّ على تَرْكِ الوَطْءِ، وطالَبتِ المرأةُ، فقد رَوَى ابنُ منصورٍ، عن أحمدَ، فى رجلٍ تزوَّجَ امرأةً، ولم يدخُلْ بها، يقول: غدًا أدخلُ بها، غدًا أدخلُ بها. إلى شهرٍ، هل يُجْبَرُ على الدُّخولِ؟ فقال: أذْهَب إلى أربعةِ أشْهُرٍ، إنْ دخلَ بها، وإلَّا فُرِّقَ بينهما. فجعَله أحمدُ كالمُولِى. وقال أبو بكرٍ بنُ جعفرٍ (٢٧): لم يَرْوِ مسألةَ ابنِ منصورٍ غيرُه، وفيها نَظَرٌ، وظاهرُ قَوْلِ أصحابِنا أنَّه لا يُفرَّقُ بينهما لذلك، وهو قولُ أكثرِ الفقهاءِ؛ لأنَّه لو ضُرِبَتْ (٢٨) له المُدَّةُ لذلك، وفُرِّقَ بينهما، لم يكُنْ للإيلاءِ أثرٌ، ولا خلافَ فى اعْتبارِه.

فصل: وإن سافرَ عن امرأتِه لعذرٍ وحاجةٍ، سقطَ حقُّها من القَسْمِ والوطءِ، وإن طالَ سَفَرُه، ولذلك لا يُفْسَخُ (٢٩) نِكاحُ المفْقودِ إذا تَرَكَ لامْرأتِه نَفَقةً. وإن لم يكُنْ له عذرٌ مانعٌ مِن الرُّجوعِ، فإنَّ أحمدَ ذهبَ إلى تَوْقيتِه بستَّةِ أشْهُرٍ، فإنَّه قيل له: كم يَغِيبُ الرَّجلُ عن زوجتِه؟ قال: ستَّةَ أشْهُرٍ، يُكتَبُ إليه، فإنْ أبَى أَنْ يرْجِعَ، فرَّقَ الحاكمُ بينهما. وإنَّما صَارَ إلى تقديرِه بهذا لحديثِ عمرَ، روَاه أبو حفصٍ، بإسنادِه عن زيد بنِ أسْلَمَ (٣٠) قال: بينا عمرُ بنُ الخطَّابِ يحرسُ المدينةَ، فمر بامرأةٍ فى بيتِها وهى تقول:


(٢٦) سقط من: الأصل.
(٢٧) أى: غلام الخلال عبد العزيز بن جعفر. وتقدم.
(٢٨) فى ب، م: "ضرب".
(٢٩) فى ب، م: "يصح".
(٣٠) أخرجه سعيد بن منصور، فى: باب الغازى يطيل الغيبة عن أهله. السنن ٢/ ١٧٤، كما أخرجه البيهقى مختصرًا، فى: باب الإمام لا يُجَمِّر بالغَزِىّ، من كتاب السير. السنن الكبرى ٩/ ٢٩. =

<<  <  ج: ص:  >  >>