للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَيُدْفَعُ إِلَيْكُمْ بِرُمَّتِهِ". وفي هذا بَيانٌ أنَّ الدَّعْوَى لا تَصِحُّ على غيرِ مُعَيَّنٍ.

فصل: فأمَّا إنِ ادَّعَى القتلَ مِنْ غيرِ وُجودِ قَتِيلٍ (٩) ولا عَداوةٍ، فحكْمُها حكمُ سائرِ الدَّعاوَى، في اشْتراطِ تَعْيِينِ المُدَّعَى عليهِ، وأنَّ القولَ قولُه. لا نعلمُ فيهِ خلافًا.

الفصل الثاني: أنَّه إذا ادَّعَى القتلَ، ولم تَكُنْ عَداوةٌ، ولا لَوْثٌ، ففيه عن أحمدَ رِوَايتان؛ إحداهما، لا يَحْلِف المُدَّعَى عليهِ، ولا يُحْكَمُ عليه بشيءٍ، ويُخْلَى سبيلُه. هذا الذي ذكرَه الْخِرَقِيُّ ههُنا، وسواءٌ كانتِ الدَّعْوَى خطَأً أو عَمْدًا؛ لأنَّها دَعْوَى فيما لا يجوزُ بَذْلُه، فلم يُسْتَحْلَفْ فيها، كالحُدودِ، ولأنَّه لا يُقْضَى في هَذه الدَّعْوَى بالنُّكُولِ، فلم يُسْتَحْلَفْ فيها، كالحُدودِ. والثانية، يُسْتَحْلَفُ. وهو الصَّحِيحُ، وهو قولُ الشَّافعيِّ؛ لعُمومِ قولِه عليه السلام: "الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ". وقولِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- "لَوْ يُعْطَى الْنَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لَادَّعَى قَوْمٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأمْوَالَهُمْ، وَلكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ". ظاهرٌ في إيجابِ الْيَمِينِ [ههُنا لوَجْهينِ؛ أحدُهما، عُمومُ اللَّفظِ فيه. والثاني، أنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ذكَرَه في صَدْرِ الخبرِ بقولِه: "لَادَّعى قَوْمٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ] (١٠) ". ثم عقَّبَه بقولِه: "وَلكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدعَى عَلَيْهِ". فيعودُ إلى المُدَّعَى عليه المذكورِ في الحديثِ، ولا يجوزُ إخْراجُه منه إلَّا بدليلٍ أقْوَى منه، ولأنَّها دَعْوَى في حَقٍّ لآدَمِيٍّ (١١)، فيُسْتَحْلَفُ فيها، كدَعْوَى المالِ، ولأنَّها دَعْوَى لو أقَرَّ بها لم يُقْبَلْ رُجوعُه عنها، فتجِبُ اليَمِينُ فيها، كالأصْلِ المذكورِ. إذا ثبتَ هذا، فالمشْروعُ يَمِينٌ واحدةٌ. وعن أحمدَ، أنَّه يُشْرَعُ خمسونَ يَمِينًا؛ لأنَّها دَعْوَى في القَتْلِ، فكان المشروعُ فيها خمسينَ يَمِينًا، كما لو كان بينهم لَوْثٌ. وللشافعىِّ قَوْلان في هذا، كالرِّوايتَيْنِ. ولَنا، أنَّ قولَه عليه السلام: "وَلكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ". ظاهرٌ


(٩) في م: "قتل".
(١٠) سقط من: الأصل، ب.
(١١) في م: "آدمي".

<<  <  ج: ص:  >  >>