للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع الحُضُورِ، فكذلك مع الغَيْبَةِ كالعَبِيدِ (١٣). ويَحْتَمِلُ أنْ لا تَجِبَ فِطْرَتُهم مع الغَيْبَةِ؛ لأنَّه لا يَلْزَمُه بَعْثُ نَفَقَتهم إليهم، ولا يَرْجِعُونَ بالنَّفَقَةِ الماضِيَةِ.

فصل: فأمَّا عَبِيدُ عَبِيدِه؛ فإنْ قُلْنا إنَّ العَبْدَ لا يَمْلِكُهم بالتَّملِيكِ، فالفِطْرَةُ على السَّيِّدِ، لأنَّهم مِلْكُه. وهذا ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وقولُ أبى الزِّنادِ، ومالِكٍ، والشَّافِعِىِّ، وأصْحَابِ الرَّأْىِ. وإن قُلْنَا يَمْلِكُ بالتَّملِيكِ، فقد قِيلَ: لا تَجِبُ فِطْرَتُهُم على أحَدٍ؛ لأنَّ السَّيِّدَ لا يَمْلِكُهم، ومِلْكُ العَبْدِ ناقِصٌ. والصَّحِيحُ وُجُوبُ فِطْرَتِهم؛ لأنَّ فِطْرَتَهم تَتْبَعُ النَّفَقَةَ، ونَفَقَتُهم واجِبَةٌ، فكذلك فِطْرَتُهم. ولا يُعْتَبَرُ فى وُجُوبِها كمَالُ المِلْكِ، بِدَلِيلِ وُجُوبِها على المُكاتَبِ عن نَفْسِه وعَبِيدِه، مع نَقْصِ مِلْكِه.

فصل: وأمَّا زَوْجَةُ العَبْدِ، فذَكَرَ أصْحابُنا المُتَأَخِّرُونَ أنَّ فِطْرَتَها على نَفْسِها إن كانت حُرَّةً، وعلى سَيِّدِها إن كانت أمَةً. وقياسُ المذهبِ عندى وُجُوبُ فِطْرَتِها على سَيِّدِ العَبْدِ؛ لِوُجُوبِ نَفَقَتِها عليه، ألا تَرَى أنَّه تَجِبُ عليه فِطْرَةُ خَادِمِ امْرَأتِه، مع أنه لا يَمْلِكُها؛ لِوُجُوبِ نَفَقَتِها، وقد قال النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أدُّوا صَدَقَةَ الفِطْرِ عَمَّنْ تَمُونُونَ" (١٤). وهذه مِمَّنْ يَمُونُ (١٥). وقد ذَكَرَ أصْحابُنا أنَّه لو تَبَرَّعَ بمُؤْنَةِ شَخْصٍ، لَزِمَتْه فِطْرَتُه، فمَن تَجِبُ عليه أوْلَى. وهكذا لو زَوَّجَ الابنُ أباهُ، وكان مِمَّنْ تَجِبُ عليه نَفَقَتُه ونَفَقَةُ امْرأتِه، فعليه فِطْرَتُهما، واللهُ أعلمُ.


(١٣) فى الأصل: "كالبعيد".
(١٤) تقدم تخريجه عن ابن عمر، فى صفحة ٣٠١، وأخرجه البيهقى، عن على، بلفظ، فرض رسول اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زكاة الفطر على الحر والعبد، والذكر والأنثى، ممن تمونون. فى: باب إخراج زكاة الفطر عن نفسه وغيره، من كتاب الزكاة. السنن الكبرى ٤/ ١٦١. كما أخرجه الدارقطنى، فى: باب زكاة الفطر، من كتاب الزكاة. سنن الدارقطنى ٢/ ١٤٠.
(١٥) فى ب، م: "يمونون".

<<  <  ج: ص:  >  >>