للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: والسُّنَّةُ إخْفَاءُ التَّشَهُّدِ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يكنْ يَجْهَرُ به، إذْ لو جَهَرَ بهِ لَنُقِلَ كما نُقِلَتِ القراءةُ. وقال عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ: مِنَ السُّنَّةِ إخْفَاءُ التَّشَهُّدِ. رَوَاهُ أبو داوُد (٢٤). ولِأنَّهُ ذِكْرٌ غيرُ القراءَةِ لا ينْتَقِلُ به مِنْ رُكْنٍ إلى رُكْنٍ، فاسْتُحِبَّ إخْفاؤُه، كالتَّسْبِيحِ، ولا نعلَمُ في هذا خِلافًا.

فصل: ولا يَجُوزُ لِمنْ قَدَرَ على العربِيَّةِ التَّشَهُّدُ والصلاةُ على النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بغَيْرِها؛ لِما ذَكَرْنا في التَّكْبِيرِ. فإنْ عجزَ عن العربيَّةِ تَشَهَّدَ بلِسَانِهِ، كقَوْلِنا في التَّكْبِيرِ، ويجِىءُ على قَوْلِ القَاضى أنْ لا يَتَشَهَّدَ، وحُكْمُهُ حُكْمُ الأَخْرَسِ. ومَن قَدَرَ على تَعَلُّمِ التَّشَهُّدِ والصَّلاةِ على النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لزِمَهُ ذلك؛ لأنَّه منْ فُرُوضِ الأعْيانِ، فَلَزِمَهُ كالقراءَةِ. فإنْ صلَّى قبلَ تَعَلُّمِهِ مع إمْكَانِه، لم تَصِحَّ صلاتُه. وإنْ خافَ فَوَاتَ الوقتِ، أو عَجَزَ عن تَعَلُّمِهِ، أتَى بِمَا يُمْكِنُه منه، وأجْزَأَه؛ للضَّرُورَةِ. وإنْ لمْ يُحْسِنْ شيئًا بالكُلِّيَّةِ، سَقَطَ كُلُّه.

فصل: وَالسُّنَّةُ تَرْتِيبُ التَّشَهُّدِ، وتَقْدِيمُهُ على الصلاةِ على النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإنْ لم يَفْعَلْ، وأتَى به مُنَكَّسًا مِن غيرِ تَغْيِيرِ شيءٍ مِنْ مَعانِيه، ولا إخْلَالٍ بِشىءٍ مِن الواجبِ فيه، ففيه وَجْهَانِ: أحَدُهما يُجْزِئُه. ذكَرَهُ القاضي. وهو مذهبُ الشافعىِّ؛ لأنَّ المَقْصُودَ المَعْنَى، وقد حَصَلَ، فَصَحَّ كما لو رَتَّبَه. والثانى لا يصِحُّ؛ لأنَّه أَخَلَّ بالتَّرْتِيبِ في ذِكْرٍ وَرَدَ الشرعُ بهِ مُرَتَّبًا، فلم يَصِحَّ كالأذانِ.

١٧٩ - مسألة؛ قال: (ويُسْتَحَبُّ أنْ يَتَعَوَّذَ مِنْ أرْبَعٍ. فَيَقُولُ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، أعُوذُ باللهِ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، أَعُوذُ باللهِ مِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، أعُوذُ باللهِ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا والمَمَاتِ.)

وذلكَ لِما رَوَى أبَو هُرَيْرةَ، قال: كانَ رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يدْعُو (١): "اللَّهُمَّ إنِّي


= وعشرين وثلاثمائة. تاريخ العلماء النحويين ١٧٨ - ١٨٠.
(٢٤) في: باب إخفاء التشهد، من كتاب الصلاة. سنن أبى داود ١/ ٢٢٦.
(١) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>