للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الحَرَمِ هاتِكٌ لحُرْمَتِه، فلا ينْتهضُ الحَرَمُ لتَحْرِيمِ ذِمَّتِهِ وصيانَتِه، بمَنْزلَةِ الجانِى في دارِ المَلِكِ، لا يُعْصَمُ لحُرْمَةِ المَلِكِ، بخلافِ المُلْتجِىءِ إِليها بجنايةٍ صدرَتْ مِنه في غيرِها.

فصل: فأمَّا حَرَمُ مدينةِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلا يَمْنَعُ إقامَةَ حَدٍّ ولا قِصاصٍ؛ لأنَّ النَصَّ إنَّما وَرَدَ في حَرَمِ اللَّه تعالى، وحَرَمُ المدينةِ دُونَه في الحُرْمَةِ، فلا يَصِحُّ قياسُه عليه. وكذلك سائِرُ البِقاعِ، لا تَمْنَعُ من اسْتيفاءِ حَقٍّ، ولا إقامَةِ حَدٍّ؛ لأنَّ أمْرَ اللَّه تعالى باسْتيفاءِ الحقوقِ وإقامةِ الحدِّ مُطْلَقٌ في الأمْكِنةِ والأزْمِنةِ، خَرَجَ منها الحَرَمُ لمعنًى لا يَكْفِى في غيرِه، لأنَّه مَحَلُّ الأنْساكِ وقِبْلَةُ المسلمين، وفيه بيتُ اللهِ المحجُوجُ، وأوَّلُ بيتٍ وُضِعَ للناسِ، ومَقامُ إبراهيمَ، وآياتٌ بَيِّنَاتٌ، فلا يُلْحَقُ (٤) به سِواهُ، ولا يُقاسُ عليه ما ليس في مَعْناه. واللهُ تعالى أعلمُ.


(٤) في ب، م: "يلتحق".

<<  <  ج: ص:  >  >>