للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجبَ ضَمانُه على آخِذِه؛ لأنَّه أخَذَه بغيرِ إذْنِ صاحبِه، ولا اسْتِحْقاقٍ لأخْذِه. أمَّا الإِتْلافُ، فإنَّه لم يحْصُلْ (١٧) فى يَد المُتْلِفِ شىءٌ يَرُدُّه، ولم يُمْكِنْ تَضْمِينُه؛ لأنَّه إنَّما أتْلَفَه بحُكْمِ الحاكمِ، وتَسْليطِه عليه، وهو لا يُقِرُّ بعُدْوانِه، بل يقولُ: اسْتَوْفَيْتُ حقِّى. ولم يثْبُتْ خِلافُ دَعْواه، ولم يُمْكِنْ تَضْمِينُ الشُّهودِ؛ لأنَّهم يقولون: شَهِدْنا بما عَلِمْنا، وأخْبَرْنا بما رأيْنا وسَمِعْنا، ولم تَكْتُمْ شهادةَ اللَّه تعالى التى لَزِمَنا أداؤُها. ولم يثْبُتْ كذِبُهم، فوجَبَ إحالةُ الضَّمانِ على الحاكمِ؛ لأنَّه حَكَمَ من غيرِ وُجودِ شَرْطِ الحُكْمِ، ومَكَّنَ من إتْلافِ المعْصُومِ مِن غيرِ بَحْثٍ عن عدالةِ الشُّهودِ، فكان التَّفْرِيطُ منه، فوجَبَ إحالةُ (١٨) الضَّمانِ عليه.

١٩٢٢ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا ادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّ سَيِّدَهُ أعْتَقَهُ، حَلَفَ مَعَ شَاهِدِه، وَصارَ حُرًّا)

رُوِىَ عن أحمدَ، رحمَه اللَّهُ، فى هذا رِوَايَتان؛ إحْداهما، أَنَّ العِتْقَ يثْبُتُ (١) بشاهدٍ ويَمِينٍ. وهو اخْتِيارُ أبى بكرٍ؛ لأنَّه إزالةُ مِلْكٍ، فيثَبْتُ بشاهدٍ ويَمِينٍ، كالبَيعِ والهِبَةِ، ولأنَّه إتْلافٌ للمالِ، فيُقْبَلُ فيه شاهِدٌ ويَمِينٌ، كالإِتْلافِ بالفِعْلِ، وإفْضاؤُه إلى تَكْميلِ الأَحْكامِ، لا يَمْنَعُ ثُبوتَه بشاهدٍ ويَمِينٍ؛ بدليلِ أَنَّ الوِلادةَ تَثْبُتُ بشَهادةِ النِّساءِ، ويَنْبَنِى عليها النَّسبُ الذى لا يثْبُتُ بشَهادتِهنَّ. والرِّوايةُ الثانية، لا تثْبُتُ الحُرِّيَّةُ إِلَّا بشاهِدَيْنِ عَدْليْنِ ذَكَريْنِ، لأنَّها ليستْ بمالٍ، ولا المقْصودُ منها المالُ، ويطَّلِعُ عليها الرجالُ فى غالبِ الأحوالِ، فأشْبَهتِ الحُدودَ والقِصاصَ. واللَّه أعلمُ.

١٩٢٣ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ شَهِد بِشَهَادَةٍ زُورٍ، أُدِّبَ، وأُقِيمَ لِلنَّاسِ فِى الْمَوَاضِعِ الَّتِى يَشْتَهِرُ (١) أَنَّهُ شَاهِدُ زُورٍ، إِذَا تَحَقَّقَ تَعَمُّدُهُ لِذَلِكَ)


(١٧) فى ب، م زيادة: "به".
(١٨) سقط من: ب.
(١) فى الأصل، ب، م: "ثبت".
(١) فى الأصل: "يشهر".

<<  <  ج: ص:  >  >>