للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإذا صَلَّى إلى عُودٍ أو عَمُودٍ أو شيءٍ في مَعْنَاهما، اسْتُحِبَّ له أن يَنْحَرِفَ عنه، ولا يَصْمُدُ له صَمْدًا؛ لما رَوَى أبو دَاوُدَ (٤٠)، عن المِقْدَادِ بن الأسْوَدِ قال: ما رَأيْتُ رَسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صَلَّى إلى عُودٍ أو إلى عَمُودٍ ولا شَجَرَةٍ، إلَّا جَعَلَه على حَاجِبِه الأيْمَنِ أو الأيْسَرِ، ولا يَصْمُدُ له صَمْدًا. أي لا يَسْتَقْبِله فيَجْعَله وَسَطًا. ومَعْنى الصَّمْدِ: القَصْدُ.

فصل: تُكْرَهُ الصلاةُ إلى المُتَحَدِّثِينَ، لئلَّا يَشْتَغِلَ بِحَدِيثِهم. واخْتُلِفَ في الصلاةِ إلى النَّائِم، فرُوِىَ أنَّه يُكْرَهُ، وَرُوِىَ ذلك عن ابنِ مسعودٍ، وسَعِيدِ بن جُبَيْرٍ. وعن أحمدَ ما يَدُلُّ على أنَّه يُكْرَهُ في الفَرِيضَةِ خَاصَّةً، ولا يُكْرَهُ في التَّطَوُّعِ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُصَلِّى من اللَّيْلِ وعائشةُ مُعْتَرِضَةٌ بين يَدَيْهِ كاعْتِرَاضِ الجنَازَةِ. مُتَّفَقٌ عليه (٤١). قال أحمدُ: هذا في التَّطَوُّعِ، والفَرِيضَةُ أشَدُّ. وقد رُوِىَ أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَهَى عن الصَّلَاةِ إلى النَّائِم والمُتَحَدِّثِ. رَوَاه أبو دَاوُدَ (٤٢). فخَرَجَ التَّطَوُّعُ من عُمُومِه، لِحَدِيثِ عائشةَ، بَقِىَ الفَرْضُ على مُقْتَضَى العُمُومِ. وقيل: لا يُكْرَهُ فيهما؛ لأنَّ حَدِيثَ عائشة صَحِيحٌ، وحَدِيثُ النَّهْىِ ضَعِيفٌ. قَالَهُ (٤٣) الخَطَّابِىُّ. وقد قال أحمدُ: لا فَرْقَ بين الفَرِيضَةِ والنَّافِلَةِ إلَّا في صَلَاةِ الرَّاكِبِ. وتَقدِيمُ قِيَاسِ الخَبَرِ الصّحِيحِ أوْلَى من الخَبَرِ الضَّعِيفِ.

فصل: ويُكْرَهُ أن يُصَلِّىَ مُسْتَقْبِلًا وَجْهَ إنْسَانٍ؛ لأنَّ عمرَ أدَّبَ على ذلك. وفى حَدِيثِ عائشةَ، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُصَلِّى حِذَاءَ وَسَط السَّرِيرِ، وأنا مُضْطَجِعَةٌ


(٤٠) في: باب إذا صلى إلى سارية أو نحوها أين يجعلها منه، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ١٥٩. كما أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند ٦/ ٤.
(٤١) تقدم في صفحة ٤١.
(٤٢) في: باب الصلاة إلى المتحدثين والنيام، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ١٦٠. كما أخرجه ابن ماجه، في: باب من صلى وبينه وبين القبلة شيء، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه ١/ ٣٠٨.
(٤٣) في أ، م: "قال".
وهو في معالم السنن ١/ ١٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>