للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باجْتهادِه. والأَوَّلُ أشْبَهُ بالصِّحَّةِ، فإنَّ الأصلَ قَبولُ شَهادةِ العَدْلِ، ما لم يَمنَعْ منه مانِعٌ، ولا يَصِحُّ القِياسُ على الشَّهادةِ المَرْدُودَةِ [للفِسقِ؛ لما ذكرْنا بينهما من الفَرْقِ. ويُخرَّجُ على هذا كلُّ شَهادةٍ مَرْدودَةٍ] (٧)؛ إمَّا للتُّهْمَةِ، أو لعدمِ الأهْلِيَّةِ، إذا أعادَها بعدَ زوالِ التُّهْمَةِ، ووُجودِ الأهْلِيَّةِ، فهل تُقْبَلُ؟ على وَجْهَين.

١٩٠٥ - مسألة؛ قال: (وَإِنْ كَانَ لَمْ يَشْهَدْ بِهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ، حَتَّى صَارَ عَدلًا، قُبِلَتْ منهُ)

وذلك لأنَّ التَّحمُّلَ لا تُعْتبَرُ فيه العَدالةُ، ولا البُلوغ، ولا الإِسلامُ؛ لأَنَّه لا تُهَمةَ فى ذلك، وإنَّما يُعْتبَرُ ذلك [فى الأداءِ] (١)، فإذا رأى الفاسقُ شيئًا، أو سَمِعَه، ثم عُدِّلَ، وشهِدَ به، قُبلَتْ شَهادتُه، بغيرِ خلافٍ نَعْلَمُه، وهكذا الصَّبِىُّ، والكافرُ إذا شهِدَا بعدَ الإِسلامِ والبُلوغِ، قُبلَتْ. [وكذلك الرِّوايةُ] (٢)، ولذلك كان الصِّبْيانُ فى زَمَنِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَرْوُونَ عنه بعدَ أن كَبِرُوا؛ كالحَسنِ، والحسينِ، وابنِ عبَّاسٍ، والنُّعمانِ بنِ بَشِيرٍ، وابنِ الزُّبيرِ، وابنِ جَعفرٍ، والشَّهادةُ فى معنَى الرِّواية، ولذلك اعْتُبِرَتْ لها العَدالةُ وغيرُها من الشُّروطِ المُعْتبَرَةِ للشَّهادةِ.

١٩٠٦ - مسألة؛ قال: (ولَوْ شَهِدَ وَهُوَ عَدلٌ، فَلَمْ يُحْكَمْ بِشَهَادَتِهِ حَتَّى حَدثَ مِنْهُ مَا لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ مَعَهُ، لَمْ يُحْكَمْ بِهَا)

وجملةُ ذلك أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ إذا شَهِدَا عندَ الحاكمِ، وهما ممَّن تُقْبَلُ شهادتُه، ثم لم (١) يَحْكُمْ بها حتى فَسَقَا، أو كَفَرَا، لم يَحْكُمْ بشَهادتِهما. وبهذا قال أبو يوسفَ، والشَّافعىُّ. وقالَ أبو ثَوْرٍ، والمُزَنىُّ: يَحْكُمُ بها؛ لأنَّ بَقاءَ أهْلِيَّةِ الشَّهادةِ ليس شَرْطًا فى الحُكْمِ؛ بدليلِ ما لو ماتا؛ ولأنَّ فِسْقَهما تَجَدَّدَ بعدَ أداءِ الشَّهادةِ، فأشْبَهَ ما لو تجدَّدَ


(٧) سقط من: الأصل. نقل نظر.
(١) فى أ: "للأداء".
(٢) فى ب: "وكذا للرواية".
(١) فى م: "ولم".

<<  <  ج: ص:  >  >>