للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وليس للسَّيِّدِ أن يتزوَّجَ أمَتَه؛ لأنَّ مِلْكَ الرَّقَبةِ يُفِيدُ مِلْكَ المَنْفَعةِ، وإباحةَ البُضْعِ، فلا يَجْتَمِعُ معه عَقْدٌ أضْعَفُ منه. ولو مَلَكَ زَوْجَتَه وهى أمَةٌ، انْفَسَخَ نِكاحُها. وكذلك لو مَلَكَتِ المرأةُ زَوْجَها، انفسخَ نِكاحُها. ولا نعلمُ فى هذا خِلافًا (٢٤). ولا يجوزُ أن يتزوَّجَ أمَةً له فيها مِلْكٌ. ولا يتزوَّجُ مُكاتَبَتَه؛ لأنَّها مَمْلُوكَتَه.

فصل: ولا يجوزُ للحُرِّ أن يتزوَّجَ أمَةَ ابْنِه؛ لأنَّ له فيها شُبْهةَ مِلْكٍ (٢٥). وهذا قولُ أهلِ الحجازِ. وقال أهلُ العِراقِ: له ذلك؛ لأنَّها ليستْ مملوكةً له، ولا تُعْتَقُ بإعْتاقِه لها. ولَنا، قولُ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنْتَ ومَالُكَ لأَبِيكَ" (٢٦). ولأنَّه لو مَلَكَ جُزْءًا من أمَةٍ، لم يَصِحَّ نِكاحُه لها، فما هى مُضافةٌ إليه بجُمْلَتِها شَرْعًا أوْلَى بالتحريمِ. وكذلك لا يجوزُ للعبدِ نِكاحُ أُمِّ سَيِّدِه أو سَيِّدَتِه (٢٧)، مع ما ذكرْنا من الخِلافِ. ويجوزُ للعبدِ [أن يتزوَّجَ] (٢٨) أمَةَ ابْنِه؛ لأنَّ الرِّقَّ قطَع (٢٩) وِلايَتَه عن أبِيه ومالِه، ولهذا لا يَلِى مالَه ولا نِكاحَه، ولا يَرِثُ أحَدُهُما صاحِبَه، فهو كالأجْنَبِىِّ منه.

فصل: وللابْنِ نِكاحُ أمَةِ أبِيه؛ لأنَّه لا مِلْكَ له فيها، ولا شُبْهةَ مِلْكٍ، فأشْبَهَ الأجْنَبِىَّ، وكذلك سائرُ القَراباتِ. ويجوزُ أن يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابنْتَه لمَمْلُوكِهِ، إذا قُلْنا: ليست الحُرِّيَّةُ شَرْطًا فى الصِّحَّةِ. ومتى مات الأبُ، فوَرِثَ أحَدُ الزَّوْجينِ صاحِبَه، أو جُزْءًا منه، انْفَسَخَ النِّكاحُ. وكذلك إن مَلَكَه أو جُزْءًا منه بغيرِ الإِرْثِ. لا نعلمُ فيه خِلافًا، إلَّا أَنَّ الحسنَ قال: إذا اشْتَرَى امرأتَه لِلْعِتْقِ، فأعْتَقَها حين مَلَكَها، فهما على نِكاحِهما. ولا يَصِحُّ؛ لأنَّهما مُتَنافِيَانِ، فلا يَجْتَمِعانِ قليلًا ولا كثيرًا، فبِمُجَرَّدِ


(٢٤) فى أ، ب: "اختلافا".
(٢٥) سقط من: الأصل، ب، م.
(٢٦) تقدم تخريجه فى: ٨/ ٢٧٣.
(٢٧) فى الأصل: "ولا سيدته".
(٢٨) فى الأصل: "نكاح".
(٢٩) فى م: "يقطع".

<<  <  ج: ص:  >  >>