للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تتَنصَّفُ بطَلاقِها، إلَّا أن تكونَ غيرَ مَقْبُوضةٍ، فإنَّها تسْقُطُ لكَوْنِها عِدَةً غيرَ لازِمَةٍ، فإن كان القاضى أراد ذلك فهو (٣٧) وَجْهٌ (٣٨)، وإلَّا فلا.

١٢١٥ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا أصْدقَها غَنَمًا فتوَالَدَتْ، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبلَ الدُّخولِ، كَانَتِ الْأَوْلَادُ لَهَا، ورَجَعَ بِنِصْفِ الأُمَّهَاتِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ الْوِلَادَةُ نقَصَتْها، فَيَكُونُ مُخيَّرًا بَيْنَ أَنْ يأْخُذَ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَقْتَ مَا أَصْدَقَها أَوْ يَأْخُذَ نِصْفَهَا ناقِصَةً)

قد ذكَرْنا أَنَّ المَهْرَ يَدْخُلُ فى مِلْكِ المرأةِ بمُجَردِ العَقْدِ، فإذا زادَ فالزِّيادةُ لها، وإن نَقَصَ فعَلَيْها. وإذا كانتْ غَنَمًا فتوالدَتْ (١)، فالأولادُ زيادَةٌ مُنْفَصِلةٌ، تَنْفَرِدُ بها دُونَه؛ لأنَّه (٢) نماءُ مِلْكِها. ويَرْجعُ فى نِصْفِ الأُمَّهاتِ، إن لم تكُنْ نَقَصَتْ، ولا زادَتْ زِيادةً مُتَّصِلةً؛ لأنَّه نِصْفُ ما فرَضَ لها، وقد قال اللَّه تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} (٣). وإن كانتْ نَقَصَتْ بالولادةِ أو بغيرِها، فله الخِيارُ بينَ أخْذِ نِصْفِها ناقِصًا؛ لأنَّه راضٍ بدُونِ حَقِّه، وبينَ أخْذِ نِصْفِ قِيمَتِها وَقْتَ ما أصْدَقَها؛ لأنَّ ضَمانَ النَّقْص عليها، وبهذا قال الشافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَرْجِعُ فى نِصْفِ الأصْلِ، وإنَّما يَرْجِعُ فى نِصْفِ القِيمةِ؛ لأنَّه لا يَجُوزُ فَسْخُ العقدِ فى الأصْلِ دُونَ النَّماءِ؛ لأنَّه مُوجِبُ العَقْدِ، فلم يَجُزْ رُجُوعُه فى الأصْلِ بدُونِه. ولَنا، أَنَّ هذا نَماءٌ مُنْفَصِلٌ عن الصَّداقِ، فلم يَمْنَعْ رُجُوعَ الزَّوْجِ، كما لو انْفَصَلَ قبلَ القَبْضِ، وما ذكرُوه فغيرُ صحيحٍ؛ لأنَّ الطَّلاقَ ليس برَفْعٍ للعقدِ، ولا النَّماءُ من مُوجِباتِ العَقْدِ، إنَّما هو من مُوجِباتِ المِلْكِ. إذا ثَبَتَ هذا، فلا فَرْقَ بين كَوْنِ


(٣٧) فى أ، ب، م: "فهذا".
(٣٨) فى م: "وجهه".
(١) فى الأصل، أ، م: "فولدت".
(٢) فى ب: "لأنها".
(٣) سورة البقرة ٢٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>