للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسم اللَّه الرحمن الرحِيم، هذا ما أوْصَى به عبدُ اللَّه أميرُ المُؤْمِنِينَ، إن حَدَثَ به حَدَثٌ، أنَّ ثَمْغًا وصِرْمَةَ بن الأَكْوَعِ، والعَبْدَ الذي فيه، والمائةَ سَهْمٍ التي بِخَيْبَرَ، ورَقِيقَه الذي فيه، الذي أطْعَمَهُ محمدٌ -صلى اللَّه عليه وسلم- بالوَادِ، تَلِيه حَفْصَةُ ما عاشَتْ، ثم يَلِيه ذو الرَّأْى من أهْلِها، أن لا يُبَاعَ ولا يُشْتَرَى، يُنْفِقُه حيث رَأَى من السَّائِلِ والمَحْرُومِ وذَوِى القُرْبَى، لا حَرَجَ على من وَلِيَه إن أكَلَ أو آكَلَ أو اشْتَرَى رَقِيقًا منه. رَوَاهُ أبو دَاوُدَ (٤٣). وفيه دَلِيلٌ على تَخْصِيصِ حَفصَةَ دون إخْوَتِها وأَخَوَاتِها.

٩٢٢ - مسألة؛ قال: (فَإذَا لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أحَدٌ، رَجَعَ إلَى الْمَسَاكِينِ)

يعني إذا وَقَفَ على قَوْمٍ ونَسْلِهِم، ثم على المَسَاكِينِ، فانْقَرَضَ القَوْمُ ونَسْلُهُم، فلم يَبْقَ منهم أحدٌ، رَجَعَ إلى المَسَاكِينِ، ولا (١) يَنْتَقِلُ إليهم ما دَامَ أحدٌ من القَوْمِ أو من نَسْلِهِم باقِيًا؛ لأنَّه رَتَّبَه لِلْمَساكِينِ بعدَهم. والمَسَاكِينُ الذين يَسْتَحِقُّونَ السَّهْمَ من الزَّكَاةِ، والفُقَرَاءُ يَدْخُلُونَ فيهم، وكذلك لَفْظُ الفُقَرَاءِ يَدْخُلُ فيه المَسَاكِينُ؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ من اللَّفْظَيْنِ يُطْلَقُ عليهما، والمَعْنَى الذي يُسَمَّيانِ به شامِلٌ لهما، وهو الحاجَةُ والفاقَةُ، ولهذا لمَّا سَمَّى اللهُ عَزَّ وجَلَّ المَسَاكِينَ، في مَصْرِفِ كَفَّارَةِ اليَمِينِ، وكَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وفِدْيَةِ الأذَى، تَنَاوَلَهُما جَمِيعًا، وجازَ الصَّرْفُ إلى كلِّ واحدٍ منهما، ولمَّا ذَكَرَ الفُقَرَاءَ في قوله: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (٢). وفى قوله: {وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} (٣). تَنَاوَلَ القِسْمَينِ، وكلُّ مَوْضِعٍ ذُكِرَ فيه أحَدُ اللَّفْظَيْنِ تَنَاوَلَ القِسْمَيْنِ، إلَّا في الصَّدَقاتِ، لأنَّ اللَّه تعالى جَمَعَ بين الاسْمَيْنِ،


= في: باب شرط القبض في الهبة، وباب ما يستدل به على أن أمره بالتسوية بينهم في العطية. . ., من كتاب الهبات. السنن الكبرى ٦/ ١٧٠، ١٧٨.
(٤٣) في: باب ما جاء في الرجل يوقف الوقف، من كتاب الوصايا. سنن أبي داود ٢/ ١٠٥.
(١) في ب، م: "ولم ينتقل".
(٢) سورة البقرة ٢٧٣.
(٣) سورة البقرة ٢٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>