للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَيَّزَ بين المُسَمَّيَيْنِ، فاحْتَجْنَا إلى التَّمْيِيزِ بينهما، وفى غير الصَّدَقاتِ يُسَمَّى (٤) الكُلُّ بكلِّ واحدٍ من الاسْمَيْنِ، فإن جَمَعَ بين الاسْمَيْنِ بالوَقْفِ أيضًا، فقال: وَقَفْتُ هذا على الفُقَرَاءِ والمَسَاكِينِ، نِصْفَيْنِ، أو ثَلَاثًا. وَجَبَ التَّمْييزُ بينهما أيضًا (٥)، فنَزَّلْنَاهُما مَنْزِلَتَهُما من سِهَامِ الصَّدَقاتِ. وإن قال: على الفُقَراءِ والمَسَاكِينِ. فقِيَاسُ المَذْهَبِ جَوَازُ الاقْتِصارِ على أحدِ الصِّنْفَيْنِ، وإبَاحَةُ الدَّفْعِ إلى واحدٍ، كما قُلْنا في الزَّكَاةِ. ويَتَخَرَّجُ أن لا يجوزَ الدَّفْعُ إلى أقَلَّ من ثَلَاثَةٍ من كلِّ صِنْفٍ، بِنَاءً على القولِ في الزَّكَاةِ أيضًا. ولا خِلَافَ في أنَّه لا يَجِبُ تَعْمِيمُهُم بالعَطِيَّةِ، كما لا يَجِبُ اسْتِيعَابُهم بالزَّكَاةِ، ولا في أنَّه يجوزُ التَّفْضِيلُ بين من يُعْطِيه منهم، سواءٌ كانوا ذُكُورًا أو إنَاثًا، أو كان الوَقْفُ ابْتِداءً، أو انْتَقَلَ إليهم عن غيرِهم. وضابِطُ هذا أنَّه متى كان الوَقْفُ على مَن يُمْكِنُ حَصْرُهُم واسْتِيعَابُهُم، والتَّسْوِيَةُ بينهم، وَجَبَ اسْتِيعَابُهم والتَّسْوِيةُ بينهم، إذا لم يُفَضِّلِ الواقِفُ بعضَهم على بعضٍ، فإن وَقَفَ على مَنْ لا يُمْكِنُ حَصْرُهُم، كالمَساكِينِ، أو قَبِيلَةٍ كبيرةٍ كبَنِى تَمِيمٍ وبنى هاشِمٍ، جازَ الدَّفْعُ إلى واحدٍ وإلى أكْثَرَ منه، وجازَ التَّفْضِيلُ والتَّسْوِيةُ؛ لأنَّ وَقْفَه عليهم، مع عِلْمِه بِتَعَذُّرِ اسْتِيعَابِهِم، دَلِيلٌ على أنَّه لم يُرِدْهُ، ومن جازَ حِرْمَانُه، جازَ تَفْضِيلُ غيرِه عليه. فإن كان الوَقْفُ في ابْتِدَائِه على مَنْ يُمْكِنُ اسْتِيعابُه (٦)، فصارَ ممَّن لا يُمْكِنُ اسْتِيعابُه، كرَجُلٍ وَقَفَ على وَلَدِه وَوَلَدِ وَلَدِه، فصارُوا قَبِيلةً كبيرةً تَخْرُجُ عن الحَصْرِ، مثل أن يَقِفَ علىٌّ رَضِىَ اللَّه عنه على وَلَدِه ونَسْلِه، فإنَّه يَجِبُ تَعْمِيمُ من أمْكَنَ منهم، والتَّسْوِيةُ بينهم؛ لأنَّ التَّعْمِيمَ كان واجِبًا، وكذلك التَّسْوِيةُ، فإذا تَعَذَّرَ، وَجَبَ منه ما أمْكَنَ، كالواجِبِ الذي يَعْجزُ عن بعضِه؛ ولأنَّ الواقِفَ ههُنا (٧) أرَادَ التَّعْمِيمَ والتَّسْوِيةَ، لإِمْكانِه وصَلَاحِ


(٤) في م: "يستحق".
(٥) سقط من: الأصل.
(٦) فى الأصل: "استيعابهم".
(٧) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>