للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معنى المنْصُوصِ، وإنَّما هو تحْريمٌ للحلالِ مِن غيرِ ظِهارٍ، فأشْبَهَ ما لو حَرَّم أمَتَه، أو طعامَه. وهذا قولُ عَطاءٍ. واللَّهُ أعلمُ.

فصل: وإذا قُلْنا بِوُجوبِ الكَفَّارَةِ عليها، فلا تَجِبُ عليها حتى يَطأَها وهى مُطاوِعَةٌ، فإنْ طَلَّقَها، أو ماتَ أحدُهما قبلَ وَطْئِها، أو أكْرَهَها (١٤) على الوَطْءِ، فلا كَفَّارَةَ عليها؛ لأنَّها يَمِين، فلا تَجِبُ كفَّارتُها قبلَ الحِنْثِ فيها، كسائِرِ الأيْمانِ. ولا يَجِبُ تقديمُها قبلَ المَسِيسِ، ككَفَّاراتِ سائرِ الأيْمانِ، ويجوزُ تقديمُها لذلك (١٥)، وعليها تَمْكينُ زوجِها مِن وَطْئِها قبلَ التَّكْفِيرِ؛ لأنَّه حَقٌّ له عليها، فلا يَسْقُطُ بيَمِينها، ولأنَّه ليس بظِهارٍ، وإنَّما هو تحْريمٌ لحَلَالٍ، فلا يُثْبِتُ تحْرِيمًا، كما لو حَرَّمَ طعامَه. وحُكِىَ أَنَّ ظاهرَ كلامِ أبى بكرٍ، أنَّها لا تُمَكِّنُه قبلَ التَّكْفيرِ، إلْحاقًا بالرَّجُلِ. وليس ذلك بجَيِّدٍ؛ لأنَّ الرَّجُلَ الظِّهارُ منه صحيحٌ، ولا يَصِحُّ ظِهارُ المرأةِ، ولأنَّ الحِلَّ حَقُّ الرجلِ (١٦)، فمَلَكَ رَفْعَهَ، والحِلُّ حَقٌّ عليها، فلا تَمْلِكُ إزالتَه. واللَّهُ أعلمُ.

١٣٢٦ - مسألة؛ قال: (وإِذَا ظَاهَرَ مِنْ زوْجَتِهِ مِرَارًا، فَلَمْ يُكَفِّرْ، فكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ)

هذا ظاهرُ المذهبِ، سَواءٌ كان فى مَجْلسٍ أو مَجالِسَ، يَنْوِى بذلك التَّأْكِيدَ، أو الاسْتِئْنافَ، أو أطْلَقَ. نَقَلَه عن أحمدَ جَماعةٌ. واخْتارَه أبو بكرٍ، وابنُ حامدٍ، والقاضى (١). ورُوِىَ ذلك عن عَلِىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه. وبه قال عَطاءٌ، وجابرُ بن زيدٍ، وطاوُسٌ، والشَّعْبِىُّ، والزُّهْرِىُّ، ومالكٌ، وإسْحاقُ، وأبو عُبَيْدٍ، وأبو ثَوْر. وهو قولُ الشَّافعىِّ القَدِيمُ. ونُقِلَ عن أحمدَ، فى مَن حَلَف أيْمانًا كثيرة، فإنْ أرادَ تأْكيدَ اليَمِينِ، فكفَّارةٌ واحدةٌ. فمَفْهومُه أنَّه إنْ نَوَى الاسْتِئْنافَ فكفَّارتانِ. وبه قال الثَّوْرِىُّ، والشّافعىُّ فى الجديدِ. وقال أصْحابُ الرَّأْىِ: إنْ كان فى مجلسٍ واحدٍ، فكفَّارةٌ واحدةٌ، وإِنْ


(١٤) فى النسخ: "إكراهها".
(١٥) فى ب: "كذلك".
(١٦) فى أ: "للرجل".
(١) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>