للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأعْتَقَتْنِى وتَزَوجَتْه. ورَوَى سعيدٌ (٩) هذيْنِ الخبرَيْنِ مُخْتَصَرَيْنِ، ولأنَّها زَوْجٌ أتَى بالمُنْكَرِ مِن القَوْلِ والزُّور، فلَزِمَه كَفَّارَةُ الظِّهارِ كالآخَرِ، ولأنَّ الواجب كفَّارةُ يَمِينٍ، فاسْتَوَى فيها الزَّوْجانِ، كاليمينِ باللَّه تعالى. والروايةُ الثَّانية: ليس عليها كفَّارةٌ. وهو قولُ مالكٍ، والشّافعىِّ، وإسحاقَ، وأبى ثَوْرٍ؛ لأنَّه قَوْلٌ مُنْكَرٌ وزُورٌ، وليس بِظِهارٍ، فلم يُوجب كفارةً، [كالسَّبِّ والقَذْف. ولأنَّه قولٌ ليس بظهارٍ، فلم يُوجب كفَارةَ] (١٠) الظِّهارِ، كسائِرِ الأقوالِ، أو تحريمٌ ممَّا لا يَصِحُّ منه الظَّهارُ، فأشْبَهَ الظِّهارَ مِن أمَتِه. والرِّوايةُ الثَّالثةُ: عليها كَفَّارَةُ اليمينِ. قال أحمدُ: [قد ذَهَب] (١١) عَطاءٌ مذهبًا حَسَنًا، جَعَلَه بمنزلةِ مَن حَرَّمَ على نفسِه شيئًا مِثْلَ الطعامِ وما أشْبَهَ. وهذا أقْيَسُ على مذهبِ أحمدَ، وأشْبَهُ بأصُولِه؛ لأنَّه ليس بظِهارٍ، ومُجَرَّدُ القولِ مِن المُنْكَر والزُّور لا يُوجِبُ كفَّارةَ الظِّهارِ، بدليلِ سائِرِ الكَذِب، والظّهارِ قبلَ العَوْد، والظّهارِ مِن أمَتِه وأمِّ وَلَدِه، ولأنَّه تحرْيمٌ لا يُثْبِتُ التَّحْريمَ فى المَحَلِّ، فلم يوُجبْ كفَّارةَ الظِّهارِ، كتَحْريمِ سائِرِ الحَلَالِ. ولأنَّه ظهارٌ مِن غيرِ امرأتِه، فأشْبَهَ الظِّهارَ مِن أمَتِه، وما رُوِىَ عن عائشةَ بنت طلحةَ، فى عِتْقِ الرَّقَبَةِ، فيَجُوزُ أَنْ يكُونَ إعْتاقُها تكْفِيرًا ليمينها، فإنَّ عِتْقَ الرَّقَبةِ أحَدُ خِصالِ كَفَّارةِ اليمينِ، وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُه على هذا؛ لكَوْنِ (١٢) الموجودِ منها ليس بظِهارٍ، وكلامُ أحمدَ، فى رواية الأثْرَمِ، لا يَقْتَضِى وُجوبَ كفَّارةَ الظِّهارِ، إنَّما قال: الأحْوَطُ أَنْ تُكَفِّرَ. وكذا حكاه ابنُ المُنْذِر. ولا شَكَّ فى أن الأحْوطَ التَّكْفيرُ بأغْلَظِ الكَفَّاراتِ، ليَخْرُجَ مِن الخلافِ، [ولكنْ ليس] (١٣) ذلك بواجبٍ عليه؛ لأنَّه ليس بمَنْصُوصٍ عليه، ولا هو فى


(٩) فى: باب ما جاء فى ظهار النساء، من كتاب الطلاق. السنن ٢/ ١٩.
كما أخرج الأول عبد الرزاق فى: باب ظهارها قبل نكاحها، من كتاب الطلاق. المصنف ٦/ ٤٤٤.
(١٠) سقط من: الأصل، ب. نقل نظر.
(١١) فى أ: "وذهب".
(١٢) فى أ: "ليكون".
(١٣) فى ب: "وليس".

<<  <  ج: ص:  >  >>