للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجملةُ ذلك أن المرأةَ إذا قالتْ لزوجِها: أنتَ علىَّ كَظَهْرِ أبى. [أو قالتْ: إنْ تَزَوَّجْتُ فلانًا، فهو علىَّ كظَهْرِ أبى] (١). فليس ذلك بِظِهارٍ. قال القاضى: لا تَكونُ مُظاهَرةً، روايةً واحدةً. وهذا قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ؛ منهم مالكٌ، والشَّافعىُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْر، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال الزُّهْرِىُّ، والأوْزاعِىُّ: هو ظِهارٌ. ورُوِىَ ذلك عن الحَسَنِ، والنَّخَعِىِّ، إلَّا أن النَّخَعِىَّ قال: إذا قالتْ ذلك بعدما تُزَوَّجُ، فليس بشىءٍ. ولعلَّهم يَحْتَجُّون بأنَّها أحَدُ الزَوْجَيْن ظاهَرَ مِن الآخَر، فكان مُظاهِرًا كالرَّجُلِ. ولَنا، قولُ اللَّه تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} (٢). فَخَصَّهم بذلك، ولأنَّه قولٌ يُوجِبُ تَحْريمًا فى الزَّوْجَة، يَمْلِكُ الزّوجُ رَفْعَه، فاخْتَصَّ به الرَّجُلَ، كالطَّلاقِ، ولأنَّ الحِلَّ فى المرأةِ حَقٌّ للرَّجُل (٣)، فلم تَمْلِكِ المرأةُ إزالتَه، كسائرِ حُقوقِه. إذا ثَبَتَ هذا، فاخْتَلَفَ (٤) عن أحمدَ فى الكَفَّارَةِ، فنَقَلَ عنه جماعةٌ: عليها كفَّارةُ الظِّهارِ. لما رَوَى الأثْرَمُ، بإسنْادِه عن إبراهيمَ، أَنَّ عائِشَةَ بنتَ طَلْحَةَ قالتْ: إنْ تَزَوجْتُ مُصْعَبَ بن الزُّبَيْر، فهو علىَّ كظَهْرِ أبى. فسألتْ أهلَ المدينةِ، فَرَأوْا أَنَّ عليها الكفَّارةَ. ورَوَى علىُّ (٥) بن مُسْهِرٍ، عن الشَّيْبانِىِّ، قال: كنتُ جالِسًا فى المسجدِ، أنا وعبدُ اللَّه بن مُغَفل المُزَنِىّ، فجاء رجلٌ حتى جلسَ إلينا، فسألتُه؛ مَن أنتَ؟ فقال: أنا مَوْلَى لعائشةَ بنت طَلْحَة، التى (٦) أعْتَقَتْنِى عن ظِهارِها، خَطَبَها مُصْعَبُ بن الزُبَيْر، فقالت: هو علىَّ كظهرِ أبى إنْ تَزَوَّجْتُه. ثم رَغِبَتْ فيه بعْدُ (٧)، فاسْتَفْتَتْ أصحابَ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهم يومئذٍ كثيرٌ، فأمرُوها أَنْ تَعْتِقَ رَقَبَةً وتَتَزَوَّجَه (٨)،


(١) سقط من: الأصل، نقل نظر.
(٢) سورة المجادلة ٣.
(٣) فى أ: "للزوج".
(٤) أى: النقل.
(٥) فى الأصل، ب، م: "عن" خطأ. وانظر ترجمته فى.: تهذيب التهذيب ٧/ ٣٨٣.
(٦) فى أ: "الذى".
(٧) سقط من: ب، م.
(٨) فى أ، ب: "وتزوجه".

<<  <  ج: ص:  >  >>