للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوارِثُ رَشِيدًا، قَبَضَ لنَفْسِه، ولا تَصِحُّ الوَصِيّةُ إلى غيرِه ليَقْبِضَ له؛ لأنَّ الرَّشِيدَ وَلِىُّ نَفْسِه. وإن كان بعضُهم رَشِيدًا، وبعضُهم مُولَّيًا عليه، فحكمُ كلِّ واحدٍ منهم حُكْمُه لو انْفَرَدَ. وإِنْ أَذِنَ بعضُهم له فى الأداءِ إلى الآخَرِ، وكان الذى أذِنَ له (١) فى ذلك رَشِيدًا، فأدَّى إلى الآخَرِ جَمِيعَ حَقِّه، عَتَقَ نَصِيبُه، فإن كان مُعْسِرًا، لم يَسْرِ إلى نَصِيبِ شَرِيكِه، وإن كان مُوسِرًا، عَتَقَ عليه كلُّه، وقُوِّمَ عليه باقِيه، كما لو كان بين شَرِيكَيْنِ فأعْتَقَ أحَدُهُما نَصِيبَه. وهذا ظاهرُ كلامِ الْخِرَقِىِّ. وهو أحدُ قَوْلَىِ الشافعىِّ. وقال القاضى: لا يَسْرِى (٢) عِتْقُه، وإن كان مُوسِرًا. وهو (٣) القولُ الثانى للشافعىِّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَعْتِقُ إِلَّا بأدَاءِ جميعِ مالِ الكِتابةِ؛ لأَنَّه أدَّى بعضَ مالِ الكِتابةِ، فأشْبَهَ ما لو أدَّاهُ إلى السَّيِّدِ. وإن أبْرَأهُ من مالِ الكِتابةِ، بَرِئَ منه، وعَتَقَ. وإن أبْرَأهُ بعضُهم، عَتَقَ نَصِيبُه، وكذلك إن أعْتَقَ نَصِيبَه منه، عَتَقَ. والخِلافُ فى هذا كلِّه، كالخِلافِ فيما إذا أدَّى إلى بعضِهم بإذْنِ الآخَرِ. ولَنا، على أنَّه يَعْتِقُ نصيبُ مَنْ أبْرَأهُ (٤) مِن حَقِّه عليه، أو اسْتَوْفَى نَصِيبَه بإذْنِ شُرَكائِه، أنَّه أبْرَأهُ مِن جميعِ مالَه عليه، فوَجَبَ أن يَلْحَقَه العِتْقُ، كما لو أبْرَأهُ سَيِّدُه من جميِع مالِ الكِتابةِ، وفارَقَ ما إذا أبْرَأهُ سَيِّدُه مِن بعضِ مالِ الكِتابةِ؛ لأَنَّه ما أبْرَأهُ مِن جميِع حَقِّه. ولَنا، على سِرَايةِ عِتْقِه، أنَّه إعْتاقٌ لبعضِ العبدِ الذى يجوزُ إعْتاقُه، مِن مُوسِرٍ جائِزِ التَّصَرُّفِ، غيرِ مَحْجُورٍ عليه، فوَجَبَ أن يَسْرِىَ عِتْقُه، كما لو كان قِنًّا، ولأنَّه عِتْقٌ حَصَلَ بفِعْلِه واخْتِيارِه، فسَرَى، كمَحَلِّ الوِفَاقِ. فإن قِيلَ: فى السِّرايَةِ إضْرَارٌ (٥) بالشُّرَكاءِ؛ لأَنَّه قد يَعْجِزُ، فيُرَدُّ إلى الرِّقِّ. قُلْنا: إذا كان العِتْقُ فى مَحَلِّ الوِفَاقِ يُزِيلُ الرِّقَّ المُتَمَكّنَ، الذى لا كِتابةَ فيه، فَلأَن يُزِيلَ عَرَضِيَّةَ ذلك بطرَيقِ الأَوْلَى.

١٩٨٤ - مسألة؛ قال: (وَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ، وَإِنْ عَجَزَ، فَهُوَ عَبْدٌ لِسَائِرِ الْوَرَثةِ)

[يعْنِى لجَميعِ الوَرَثةِ] (١)، أمَّا إذا عَجَزَ، ورُدَّ فى الرِّقِّ، فإنَّه يكونُ عَبْدًا لجميعِ الوَرَثةِ،


(١) سقط من: الأصل، أ، ب.
(٢) فى ب زيادة: "إلى".
(٣) فى ب: "وهذا".
(٤) فى الأصل، أ، ب: "أبرأ".
(٥) فى م: "ضرر".
(١) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>