للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأثْرَمِ؛ لأنّ الظّاهِرَ أنّهما لا يَعْقِدانِ إلّا به. وإنْ كان فى البَلَدِ نُقُودٌ، رُجِعَ إلى أوْسَطِها. نَصَّ عليه، فى روايةِ جَماعَةٍ. فيَحْتَمِلُ أنّه أرادَ إذا كان هو الأغْلَبَ، والمُعامَلَةُ به أكْثَرُ؛ لأنَّ الظّاهِرَ وُقُوعُ المُعامَلَةِ به، فهو كما لو كان فى البَلَدِ نَقْدٌ واحِدٌ. ويَحْتَمِلُ أنَّه رَدَّهما إليه مع التَّسَوِّى؛ لأنّ فيه تَوَسُّطًا بينَهما، وتَسْوِيَةً بينَ حَقَّيْهما، وفى العُدُولِ إلى غيرِه مَيْلٌ على أحَدِهما، فكان التَّوَسُّطُ أوْلَى، وعلى مُدَّعِى ذلك اليَمِينُ؛ لأنَّ ما قالَهُ خَصْمُه مُحْتَمِلٌ، فتَجِبُ اليَمِينُ لِنَفْىِ ذلك الاحْتِمالِ، كوُجُوبِها على المُنْكِرِ. وإذا لم يَكُنْ فى البَلَدِ إلَّا نَقْدانِ مُتَساوِيانِ، فيَنْبَغِى أنْ يَتَحالَفا؛ لأنَّهما اخْتَلَفا فى الثَّمَنِ على وَجْهٍ لم يَتَرجَّحْ قولُ أحَدِهما، فيَتَحالَفانِ، كما لو اخْتَلَفا فى قَدْرِه.

فصل: وإنِ اخْتَلَفا فى أجَلٍ أو رَهْنٍ، أو فى قَدْرِهما، أو فى شَرْطِ خِيارٍ، أو ضَمِينٍ، أو غيرِ ذلك مِن الشُّرُوطِ الصَّحِيحَةِ، ففيه روايتانِ؛ إحداهما، يَتَحالَفانِ. وهو قولُ الشّافِعِىِّ؛ لأنّهما اخْتَلَفا فى صِفَةِ العَقْدِ، فوَجَبَ أنْ يَتَحالَفا، قياسًا على الاخْتِلافِ فى الثَّمَنِ. والثانية، القولُ قولُ مَن يَنْفِى ذلك مع يَمِينِه. وهو قولُ أبى حنيفةَ؛ لأنَّ الأصلَ عَدَمُه، فالقولُ قولُ مَن يَنْفِيه، كأصلِ العَقْدِ، لأنّه مُنْكِرٌ، والقولُ قولُ المُنْكِرِ.

فصل: وإنِ اخْتَلَفا فيما يُفْسِدُ العَقْدَ، أو شَرْطٍ فَاسِدٍ، فقال: بِعْتُكَ بخَمْرٍ، أو خِيارٍ مَجْهُولٍ. فقال: بل بِعْتَنى بنَقْدٍ مَعْلُومٍ، أو خِيارِ (٨) ثَلاثٍ. فالقولُ قولُ مَن يَدَّعِى الصِّحَّةَ مع يَمِينِه؛ لأنّ ظُهُورَ تَعاطِى المُسْلِمِ الصَّحِيحَ أكْثَرُ مِن تَعاطِيه الفاسِدَ (٩). وإنْ قال: بِعْتُكَ مُكْرَهًا. فأنْكَرَه، فالقولُ قولُ المُشْتَرِى؛ لأنَّ الأصلَ عَدَمُ الإكراهِ، وصِحَّةُ البَيْعِ. وإنْ قال: بِعْتُكَ وأنا صَبِىٌّ. فالقولُ قولُ المُشْتَرِى. نَصَّ عليه، وهو قولُ الثَّوْرِىِّ، وإسحاقَ؛ لأنّهما اتَّفَقا على العَقْدِ،


(٨) فى الأصل: "وخيار".
(٩) فى م: "للفاسد".

<<  <  ج: ص:  >  >>