للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المائتَيْنِ. ولَنا، أنَّ الغِنَى لو كان سَابِقًا مَنَعَ، فيَمْنَعُ إذا قارَنَ، كالجَمْعِ بين الأُخْتَيْنِ في النِّكاحِ.

فصل: وكُلُّ صِنْفٍ من الأصْنافِ يُدْفَعُ إليه ما تَنْدَفِعُ به حَاجَتُه، مِن غيرِ زيادَةٍ، فالغَارِمُ والمُكَاتَبُ يُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ منهما ما يَقْضِى به دَيْنَهُ وإن كَثُرَ، وابْنُ السَّبِيلِ يُعْطَى ما يُبْلِغُه إلى بَلَدِهِ، والغَازِي يُعْطَى ما يَكْفِيهِ لِغَزْوِهِ، والعَامِلُ يُعْطَى بِقَدْرِ [أُجْرَةِ عملِه] (١٢). قال أبو دَاوُدَ: سمعتُ أحمدَ، قِيلَ له: يَحْمِلُ في السَّبِيلِ بأَلْفٍ من الزكاةِ؟ قال: ما أعْطَى فهو جَائِزٌ، ولا يُعْطَى أحَدٌ من هَؤُلَاءِ زِيَادةً على ما تَنْدَفِعُ به الحاجَةُ؛ لأنَّ الدَّفْعَ لها، فلا يُزَادُ على ما تَقتَضيه.

فصل: وأرْبَعَةُ أصْنافٍ يَأْخُذُونَ أخْذًا مُسْتَقِرًّا، فلا يُرَاعَى حَالُهم بعدَ الدَّفْعِ، وهم: الفُقَرَاءُ، والمَسَاكِينُ، والعامِلُونَ، والمؤَلَّفَةُ، فمتى أخَذُوها مَلَكُوها مِلْكًا دَائِمًا (١٣) مُسْتَقِرًّا، لا يَجِبُ عليهم رَدُّهَا بحَالٍ، وأربَعَةٌ منهم، وهم الغَارِمُونَ، [وفي الرِّقَابِ] (١٤)، وفي سَبِيلِ اللهِ، وابْنُ السَّبيلِ؛ فإنَّهُمْ يَأْخُذُونَ أخْذًا مُرَاعًى، فإن صَرَفُوهُ في الجِهَةِ التي اسْتَحَقُّوا الأخْذَ لِأَجْلِها، وإلَّا اسْتُرْجِعَ منهم. والفَرْقُ بين هذه الأصْنافِ والتي قَبْلَها، أنَّ هؤلاء أخَذُوا لِمَعْنًى لم يَحْصُلْ بِأَخْذِهم لِلزكاةِ، والأوَّلُونَ حَصَل المَقْصُودُ بِأَخْذِهم، وهو غِنَى الفُقَرَاءِ والمَسَاكِينِ، وتَأْلِيفُ المؤَلَّفِينَ، وأدَاءُ أجْرِ العَامِلِينَ. وإن قَضَى هؤلاء حَاجَتَهم بها، وفَضَلَ معهم فَضْلٌ، رَدُّوا الفَضْلَ، إلَّا الغَازِي، فإنَّ ما فَضَلَ معه (١٥) بعدَ غَزْوِهِ فهو له. ذَكَرَهُ الخِرَقِيُّ في غيرِ هذا المَوْضِعِ. وظَاهِرُ قَوْلِه في المُكَاتَبِ أنَّه لا يَرُدُّ ما فَضَلَ في يَدِهِ؛ لأنَّه قال: وإذا عَجَزَ المُكَاتَبُ ورُدَّ في الرِّقِّ، وكان قد تُصُدِّقَ عليه بِشىءٍ،


(١٢) في أ، ب، م: "أجره".
(١٣) في الأصل، ب: "منبر ما".
(١٤) في الأصل، أ، ب: "والرقاب".
(١٥) في م: "له".

<<  <  ج: ص:  >  >>