للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ممَّن نَرْضاه؛ ولأنَّه لا تُقْبَلُ شهادتُه على غيرِ أهلِ دينِه، فلا تُقْبَلُ على أهلِ دينِه، كالحَرْبِىِّ، والخبرُ يَرْويه مُجالِدٌ وهو ضَعيفٌ، وإن ثَبتَ فيَحْتمِلُ أنَّه أرادَ اليمينَ، فإنَّها تُسَمَّى شهادةً، قال اللَّه تعالى فى اللِّعان: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} (٧). وأمَّا الوَلايةُ فمُتعلَّقُها القَرابةُ والشَّفَقةُ، وقَرَابتُهم ثابِتةٌ، وشفقَتُهم كشَفقةِ المُسلمين، وجازَتْ لمَوضِعِ الحَاجَةِ، فإِنَّ غيرَ أهلِ دينِهم لا يَلِى عليهم، والحاكِمُ يَتعذَّرُ عليه ذلك، لكَثْرتِهم، بخِلافِ الشهادةِ، فإنَّها مُمْكِنَةٌ مِن المُسلمين، وقد رُوِىَ عن مُعاذٍ، أَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان لا يَقْبَلُ شَهادةَ أهلِ دينٍ إِلَّا المُسلمينَ (٨)؛ فإنَّهم عُدولٌ على أنْفُسِهِم، وعلى غيرِهم.

١٨٩٣ - مسألة؛ قال: (وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ خَصْمٍ، وَلَا جَارٍّ إِلَى نَفْسِهِ، وَلَا دَافِعٍ عَنْهَا)

أمَّا الخَصْمُ، فهو نَوْعان؛ أحدُهما، كلُّ مَن خاصَمَ فى حقٍّ لا تُقبْلُ شهادتُه فيه، كالوَكيلِ لا تُقبَلُ شهادتُه فيما هو وَكيلٌ فيه، ولا الوَصِىِّ فيما هو وَصِىٌّ (١) فيه، ولا الشَّريكِ فيما هو شَريكٌ فيه، ولا المُضارِبِ بمالٍ أو حقٍّ للمُضارَبَةِ. ولو غُصِبَتِ (٢) الوَديعةُ مِن المُودَعِ، وطالَبَ بها، لم (٣) تُقْبَلْ شَهادتُه فيها، وكذلك ما أشْبَهَ هذا؛ لأَنَّه خَصْمٌ فيه، فلم تُقْبَلْ شَهادتُه به، كالمالِكِ. والثانى، العَدُوُّ، فشهادتُه غيرُ مَقْبُولَةٍ على عَدُوِّه، فى قولِ أكثرِ أهلِ العلمِ. رُوِىَ ذلك عن رَبيعَةَ، والثَّورِىِّ، وإسْحاقَ، ومالكٍ، والشَّافعىِّ. ويُرِيدُ بالعَداوةِ ههُنا العَداوةَ الدُّنْيَويَّةَ، مثل أن يَشْهَدَ المَقذوفُ على القَاذِفِ،


(٧) سورة النور ٧.
(٨) انظر: ما أخرجه البيهقى عن أبى هريرة، فى: باب من رد شهادة أهل الذمة، من كتاب الشهادات. السنن الكبرى ١/ ١٦٣. والعقيلى، فى: الضعفاء الكبير ٣/ ١٥٨. وعبد الرزاق، فى: باب شهادة أهل الملل بعضهم على بعض. . .، من كتاب الشهادات. المصنف ٨/ ٣٥٦، ٣٥٧.
(١) فى أ: "موصى".
(٢) فى أ، ب، م: "غصب".
(٣) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>