للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلتُ لأبي عَبْدِ اللَّه: حَدِيثُ عبد اللَّه بن عَمْرو، عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أيُّمَا امْرَأةٍ مَسَّتْ فَرْجَها فَلْتَتَوَضَّأْ". فتَبَسَّم، وقال: هذا حدِيثُ الزُّبَيْدِىّ (٢٠)، وليس حديثُه (٢١) بذاك. ولأنَّ الحديثَ المَشْهُورَ في مَسِّ الذَّكَرِ، وليس مَسُّ المَرْأةِ فَرْجَها في مَعْناه؛ لكَوْنِه لا يدعُو إلى خُروجِ خارجٍ، فلم يَنْقُضْ.

فصل: فأما لَمْسُ فَرْجِ الخُنْثَى المُشْكِل، فلَا يَخْلُو من أن يكون اللَّمْسُ مِنْه أو مِنْ غَيْرِه؛ فإن كان اللَّمْسُ مِنْه فلَمَسَ أحَدَ فَرْجَيْه، لم يَنْتَقِضْ وُضُوؤُه؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أن يكونَ المَلْمُوسُ خِلْقةً زائدةً. وإنْ لَمَسَهُما جميعًا، وقلنا: لا يَنْقُضُ وُضُوءَ المرأةِ مَسُّ فَرْجِها. لم يَنْتَقِضْ وُضُوؤُه (٢٢)؛ لجَوازِ أن يكونَ امْرأةً مَسَّتْ فَرْجَها، أو خِلْقةً زائدةً. وإن قُلنا: يَنْقُضُ. انتقَضَ وُضُوؤُه؛ لأنَّه لا بُدَّ أن يكونَ أحدُهما فَرْجًا. وإن كان اللَّامِسُ رَجُلًا، فمَسَّ الذَّكَرَ لغيرِ شَهْوةٍ، لم يَنْتَقِضْ وُضُوؤُه. وإن مَسَّه لشَهْوةٍ، انْتَقَضَ وُضُوؤُه في ظاهرِ المَذْهَبِ؛ فإنَّه إن كان ذَكَرًا فقد مَسَّه، وإن كان أُنْثَى فقد مَسَّها لِشَهْوةٍ. وإن مَسَّ قُبُلَ المرأةِ لم يَنْتَقِضْ وُضُوؤُه؛ لجوازِ أن يكون خِلْقةً زائدةً مِن رَجُلٍ. وإن مَسَّهُما جميعًا لِشَهْوةٍ، انْتَقَضَ وُضُوؤُه؛ لما ذَكَرْنا في الذَّكَرِ. وإن كان لغيرِ شَهْوةٍ، انْتَقَضَ وُضُوؤُه في الظاهرِ؛ لأنَّه لا يَخْلُو من أن يكونَ مَسَّ ذَكَرَ رَجُلٍ أو فَرْجَ امرأةٍ. وإن كان اللَّامِسُ امْرأةً، فَلمَسَت أحَدَهما لغيرِ شَهْوةٍ، لم يَنْتَقِضْ وُضُوؤُها. وإن لَمَسَت الذَّكَرَ لشَهْوةٍ، لم يَنْتَقِضْ وُضُوؤُها؛ لجوازِ أن يكونَ خِلْقةً زائدةً مِن امرأةٍ. فإن مَسَّت فَرْجَ المرأةِ لشَهْوةٍ، انْبَنَى على مَسِّ المرأةِ الرَّجُلَ لشَهْوةٍ؛ فإن قلنا: يَنْقُضُ. انْتَقَض وُضُوؤُها ههنا لذلك. وإلَّا لم يَنْتَقِضْ. وإن مَسَّتْهُما جميعًا لغيرِ شَهْوةٍ، وقلنا: إنَّ مَسَّ فَرْجِ المرأةِ يَنْقُضُ الوُضُوءَ. انْتَقَض وُضُوؤُها ههنا، وإلَّا فَلَا. وإن كان اللَّامِسُ خُنْثَى مُشْكِلًا لم يَنْتَقِضْ


(٢٠) يعني أبا الهذيل محمد بن الوليد بن عامر الزبيدى الحمصى القاضي، ثقة، توفى سنة ست أو سبع وأربعين ومائة. تهذيب التهذيب ٩/ ٥٠٢، ٥٠٣.
(٢١) في م: "إسناده". وتقدم توثيقه، ولعل الإمام أحمد أراد حديثه هذا نفسه.
(٢٢) في م: "وضوؤها".

<<  <  ج: ص:  >  >>