للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٦٤٣ - مسألة؛ قال: (ومَنْ دَخلَ إلَى أرْضِهِمْ مِنَ الْغُزَاةِ فَارِسًا، فنَفَقَ فَرَسُهُ قَبْلَ إحْرَازِ الْغَنِيمَةِ، فَلَهُ سَهْمُ رَاجِلٍ، ومن دَخَلَ رَاجِلًا، فَأُحْرِزَتِ الْغنِيمةُ وَهُوَ فَارِسٌ، فَلَهُ سَهْمُ الفارِسِ)

وجملة ذلك أنَّ الاعْتبارَ فى اسْتِحْقاقِ السَّهْمِ بحالَةِ الإحْرازِ، فإن أُحْرِزَت الغَنِيمةُ وهو راجلٌ، فله سَهْمُ راجلٍ، وإن أحْرِزَت وهو فارِسٌ، فله سهمُ فارِسٍ (١)، سواءٌ دخلَ فارسًا أو راجِلًا. قال أحمد: أنا أرَى أنَّ كُلَّ مَنْ شهِدَ الوَقْعَةَ على أىِّ حالةٍ كان يُعْطَى؛ إنْ كان فارِسًا ففارِسٌ، وإنْ كان راجِلًا فراجِلٌ؛ لأنَّ عمرَ قال: الغَنِيمةُ لِمَنْ شَهِدَ الوَقْعةَ (٢). وبهذا قال الأوْزاعِىُّ، والشافِعِىُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ. ونحوَه قال ابنُ عمرَ. وقال أبو حنيفةَ: الاعْتبارُ بدُخولِ دارِ الحرْبِ، فإنْ دخلَ فارسًا فله سهمُ فارِسٍ وإنْ نَفَقَ فرسُه قبلَ القِتالِ، وإنْ دخلَ راجِلًا فله سهمُ الراجِلِ وإن اسْتفادَ فرسًا فقاتَلَ عليه. وعنه رِوايَةٌ أخْرَى كقَوْلِنا. قال أحمدُ: كان سليمانُ بن موسى يَعْرِضُهم إذا أدْرَبُوا (٣)، الفارِسُ فارِسٌ (٤)، والراجِلُ راجلٌ (٥). لأنَّه دخلَ فى الحربِ بنِيَّةِ القتالِ، فلا يتغيَّرُ سهمُه بذَهابِ دابَّتِهِ، أو حُصولِ دابَّةٍ له، كما لو كان بعدَ القتالِ. ولَنا، أنَّ الفرَسَ حيوانٌ يُسْهَمُ له، فاعْتُبِرَ وُجودُه حالَةَ (٦) القتالِ، فيُسْهَم له مع الوُجودِ فيه، ولا يُسْهَمُ له مع العَدَمِ، كالآدَمِىِّ، والأَصْلُ فى هذا أنَّ حالةَ اسْتِحْقاقِ السَّهْمِ حالَ (٧) تقْتَضِى الحرب، بدليلِ قولِ عمرَ: الغَنيمةُ لِمَنْ شَهِدَ الوَقْعةَ. ولأنَّها الحالُ التى يحصلُ فيها الاسْتيلاءُ الذى هو سبَبُ المِلْكِ، بخلافِ ما قبلَ ذلك، فإنَّ الأمْوالَ فى أيْدِى أصحابِها، ولا نَدْرِى هل


(١) فى أ، م: "الفارس".
(٢) أخرجه البيهقى، فى: باب المدد يلحق بالمسلمين قبل أن ينقطع الحرب، . . .، من كتاب قسم الفىء والغنيمة، وفى: باب الغنيمة لمن شهد الوقعة، من كتاب السير. السنن الكبرى ٦/ ٣٣٥، ٩/ ٥٠. وسعيد بن منصور، فى: ما جاء فى من يأتى بعد الفتح، من كتاب الجهاد. السنن ٢/ ٢٨٥.
(٣) أدربوا: جاوزوا الدرب إلى العدو.
(٤) فى أ: "فارسا".
(٥) فى أ: "راجلا".
(٦) فى م: "حال".
(٧) أى: وقت. وفى م: "حالة".

<<  <  ج: ص:  >  >>