للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجْزَأَ؛ لأنَّه يحْصُلُ تكميلُ الأحْكامِ، وإِنْ كان رَقِيقًا، لم يَجُزْ؛ لأنَّه لا يحْصُلُ. ولَنا، أَنَّ الأشْقاصَ كالأشْخاصِ فيما لا يَمْنَعُ منه العَيْبُ اليَسِيرُ، دَلِيلُه الزَّكَاةُ، ونَعْنِى به إذا كان له نِصْفُ ثمانين شاةً مُشاعًا، وجَبَتِ الزَّكاةُ، كما لو مَلَكَ أرْبَعِين مُنْفَرِدَةً، وكالهدايا والضَّحايَا إذا اشْتَرَكُوا فيها. والأوْلَى أنَّه لا يُجْزِئُ إعْتاقُ نِصْفَيْنِ، إذا لم يكُنِ الباقِى منهما (٤) حُرًّا؛ لأنَّ إِطْلاقَ الرَّقَبَةِ إنَّما ينْصَرِفُ إلى إعْتاقِ الكامِلَةِ، ولا يحْصُلُ من الشِّقْصَيْنِ ما يَحْصُلُ من الرَّقَبَةِ الكامِلَةِ من تَكْميلِ (٥) الأَحْكامِ، وتخْليص الآدَمِىِّ من ضَرَرِ الرِّقِّ ونَقْصِه، فلا يَثْبُتُ به من الأَحكامِ ما يَثْبُتُ بإِعْتاقِ رَقَبَةٍ كامِلَةٍ، ويَمْتَنِعُ (٦) قياسُ الشِّقْصَيْنِ على الرَّقَبَةِ الكامِلَةِ، ولهذا لو أمرَ إنْسانًا بشِرَاءِ رَقَبَةٍ أو بَيْعِها، أو بإهداءِ حيوانٍ أو بالصَّدَقَةِ به، لم يكُنْ له أَنْ يُشَقِّصَه، كذا ههُنا.

١٨٢٥ - مسألة؛ قال: (وإِنْ أعْتَقَ نِصْفَ عَبْدٍ، وأَطْعَمَ خمْسَةَ مَساكِينَ، أو كَسَاهُمْ، لَمْ يُجْزِئْهُ)

لا نَعْلَمُ فى هذا خِلافًا، وذلك ولأنَّ مَقْصُودَهما مُخْتَلِفٌ مُتَبايِنٌ، إذْ كان القَصْدُ من العِتْقِ تَكْميلَ الأحْكامِ، وتَخْليصَ المُعْتَقِ من الرِّقِّ، والقصدُ من الإِطعامِ والكِسْوَةِ سَدَّ الخَلَّةِ، وإبْقاءَ النفْسِ، بدَفْعِ المجاعَةِ فى الإِطْعامِ (١)، وسَتْرِ العَوْرَةِ، ودَفْعِ ضَرَرِ الحَرِّ والبَرْدِ فى الكِسْوَةِ، فلِتَقارُبِ مَعْناهما، واتِّحادِ مَصْرِفِهما، جَرَيا مَجْرَى الجِنْسِ الواحِدِ، فكُمِّلَتِ الكَفَّارَةُ من أحدِهما بالآخرِ، ولذلك سُوِّىَ بين عَدَدِهما، ولتَباعُدِ مَقْصِدِ العِتْقِ منهما، واخْتِلافِ مَصْرِفِهما، ومُبايَنَتِهما له، لم يَجْرِيَا مَجْرَى الجِنْس الواحِدِ، فلم يُكَمَّلْ به واحِدٌ منهما، ولذلك خالَفَ عَدَدُه عَددَهما.

فصل: ولو أطعَمَ بعضَ المساكِينِ، أو كَسَاهُم، أو أعْتَقَ (٢) نصفَ عَبْدٍ، ولم يكُنْ له


(٤) فى م: "بينهما".
(٥) فى م زيادة: "الكاملة".
(٦) فى ب: "ويمنع".
(١) فى م: "الطعام".
(٢) فى م: "عتق".

<<  <  ج: ص:  >  >>