للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: ويَجِبُ المهرُ للمُفَوّضةِ بالعَقْدِ، وإنَّما يَسْقُطُ إلى المُتْعةِ بالطَّلاقِ. وهذا مذهبُ أبى حنيفةَ. واختلفَ أصحابُ الشافعىِّ؛ فمنهم مَن قال: الصحيحُ أنَّه يجبُ بالعقدِ. وقال بعضُهم: لا يجبُ بالعقدِ، قولًا واحدًا. ولا يجىءُ على أصلِ الشافعىِّ غيرُ هذا؛ لأنَّه لو وَجَبَ بالعَقْدِ لَتَنَصَّفَ بالطَّلاقِ، كالمُسَمَّى فى العَقْدِ. وَلنا، أنَّها تَمْلِكُ المطالبةَ به، فكان واجبًا، كمالمُسَمَّى، ولأنَّه لو لم يَجِبْ بالعَقْدِ، لمَا اسْتَقَرَّ (١٠) بالموتِ، كما فى العَقْدِ الفاسدِ، ولأنَّ النِّكاحَ لا يجوزُ أن يَخْلُوَ عن المَهْرِ، والقولُ بعَدَمِ وُجُوبِه يُفْضِى إلى خُلُوِّه عنه، وإلى أَنَّ النِّكاحَ انْعَقَدَ صحيحًا ومَلَكَ الزوجُ الوطءَ ولا مَهْرَ فيه، وإنَّما لم يتَنَصَّفْ؛ لأنَّ اللَّه تعالى نَقَلَ غيرَ المُسَمَّى لها بالطلاقِ إلى المُتْعةِ، كما نَقَلَ مَن سَمَّى لها إلى نِصْفِ المُسَمَّى لها. واللَّهُ أعلمُ. فعلَى هذا لو فَوَّضَ (١١) الرجلُ مَهْرَ أَمَتِه، ثم أعْتَقَها أو باعَها، ثم فُرِضَ لها المهرُ، كان لمُعْتِقِها أو بَائِعِها؛ لأنَّ المهرَ وجبَ بالعقدِ فى مِلْكِه [وإنَّما الفَرْضُ عنه] (١٢). ولو فَوّضَتِ المرأةُ نَفْسَها، ثم طالبَتْ بفَرْضِ مَهْرِها بعدَ تغَيُّرِ مَهْرِ مِثْلِها، أو دَخَلَ بها، لوَجَبَ مهرُ مِثْلِها حالةَ العَقْدِ؛ لما ذكَرْناه. ووافَقَ أصحابُ (١٣) الشافعىِّ على ذلك؛ لأنَّ الوُجوبَ يَسْتَنِدُ إلى حالةِ العَقْدِ، إلَّا فى الأَمَةِ التى أعْتَقَها أو باعَها، فى أحدِ الوَجْهَيْنِ.

فصل: ويجوزُ الدُّخولُ بالمرأةِ قبلَ إعْطائِها شيئًا، سواءٌ كانت مُفَوّضةً أو مُسَمَّى لها. وبهذا قال سعيدُ بن المُسَيَّبِ، والحسنُ، والنَّخَعىُّ، والثَّوْرِىُّ، والشافعىُّ. ورُوِىَ عن ابنِ عباسٍ، وابنِ عمرَ، والزُّهْرِىِّ، وقَتادةَ، ومالكٍ: لا يَدْخُلُ بها حتى يُعْطِيَها شيئا. [قال الزهرىُّ: مَضَتِ السُّنَّةُ أنْ لا يَدْخُلَ بها حتى يُعْطِيَها شيئا] (١٤). قال ابنُ عباسٍ:


(١٠) فى الأصل: "استقرت".
(١١) فى م، والأصل: "فرض".
(١٢) سقط من: أ، ب، م.
(١٣) سقط من: ب.
(١٤) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>