للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَاحِبَه أذِنَ في إتْلافِه. وإن بَلَعَه غَصْبًا ففيه وَجْهانِ: أحَدُهما، لا يُشَقُّ بَطْنُه، ويُغْرَمُ مِن تَرِكَتِه؛ لأنَّه إذا لم يُشَقَّ مِن أجْلِ الوَلَدِ المَرْجُوِّ حَيَاتُه، فمن أجْلِ المالِ أوْلَى. والثاني، يُشَقُّ إن كان كثيرًا؛ لِأَنَّ فيه دَفْعَ الضَّرَرِ عن المالِكِ بِرَدِّ مَالِه إليه، وعن المَيِّتِ بإبْراءِ ذِمَّتِه، وعن الوَرَثَةِ بِحِفْظِ التَّرِكَةِ لهم. ويُفارِقُ الجَنِينَ مِن وَجْهَيْنِ: أحدُهما، أنَّه لا يَتَحَقَّقُ حَيَاتَه. والثاني، أنَّه ما حَصَلَ بجِنَايَتِه. فعَلَى (٧) الوَجْهِ الأوَّلِ (٨) إذا بَلِىَ جَسَدُه، وغَلَبَ على الظَّنِّ ظُهُورُ المالِ، وتَخَلُّصُه من أعْضاءِ المَيِّتِ، جازَ نَبْشُه وإخْرَاجُه. وقد رَوَى أبو دَاوُدَ (٩)، أنَّ رسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "هَذَا (١٠) قَبْرُ أَبِي رِغَالٍ (١١)، وآيَةُ ذَلِكَ أنَّ مَعَهُ غُصْنًا مِنْ ذَهَبٍ، إنْ أَنْتُم نَبَشْتُمْ عَنْهُ أَصَبْتُمُوهُ مَعَهُ". فابْتَدَرَهُ الناسُ، فاسْتَخْرَجُوا الغُصْنَ. ولو كان في أُذُنِ المَيِّتِ حَلَقٌ، أو في أُصْبُعِه خَاتَمٌ أُخِذَ. فإن صَعُبَ أَخْذُه، بُرِدَ، وأُخِذَ؛ لأنَّ تَرْكَهُ تَضْيِيعٌ لِلْمالِ.

فصل: وإن وَقَعَ في القَبْرِ مَا لَهُ قِيمَةٌ، نُبِشَ وأُخْرِجَ. قال أحمدُ: إذا نَسِىَ الحَفَّارُ مِسْحَاتَه (١٢) في القَبْرِ، جازَ أن يَنْبُشَ عنها (١٣). وقال في الشىءِ يَسْقُطُ في القبرِ، مثل الفَأْسِ والدَّرَاهِم: يُنْبَشُ. قال: إذا كان له قِيمَةٌ. يعني يُنْبَشُ. قيل: فإن أعْطاهُ أوْلِياءُ المَيِّتِ؟ قال: إن أعْطَوْهُ حَقَّهُ أىَّ شيءٍ يُرِيدُ! وقد رُوِىَ أنَّ المُغِيرَةَ بن شُعْبَةَ طَرَحَ خَاتَمَه في قَبْرِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم قال: خَاتَمِى. ففُتِحَ مَوْضِعٌ منه، فأخَذَ المُغِيرَةُ خَاتَمَهُ، فكان يقولُ: أنا أقْرَبُكم عَهْدًا بِرسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (١٤).


(٧) في م زيادة: "هذا".
(٨) سقط من: م.
(٩) في: باب نبش القبور العادية يكون فيها المال، من كتاب الإِمارة. سنن أبي داود ٢/ ١٦١.
(١٠) في م: "إن هذا".
(١١) أبو رغال، هو أبو ثقيف، وكان من ثمود.
(١٢) المسحاة: أداة القشر والجرف.
(١٣) في الأصل: "عنه".
(١٤) انظر: المسند، للإمام أحمد ١/ ١٠١، والبداية والنهاية ٥/ ٢٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>