للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمُصْحَفِ. قال أصحابُه: فيُغَلَّظُ عليه بإحْضارِ المُصْحَفِ؛ لأنَّه يَشْتمِلُ على كلامِ اللَّهِ تعالى وأسْمائِه. وهذا زيادةٌ على ما أمرَ به رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فى اليَمِينِ، وفَعَله (٢٥) الخلفاءُ الرَّاشِدون (٢٦) وقُضاتُهم، مِن غيرِ دليلٍ ولا حُجَّةٍ يُسْتَنَدُ إليها، ولا يُتْرَكُ فِعْلُ رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابِه (٢٦) لِفعلِ ابنِ مازنٍ ولا غيرِه.

١٩١٥ - مسألة؛ قال: (وَيَحْلِفُ الرَّجُلُ فِيمَا عَلَيْهِ عَلَى الْبَتِّ. وَيَحْلِفُ الْوَارِثُ (١) عَلَى دَيْنِ الْمَيِّتِ عَلَى الْعِلْمِ)

معنى البتِّ: القطعُ. أى يَحْلِفُ باللَّهِ مالَه علىَّ شىءٌ. وجملةُ الأمرِ أَنَّ الأيْمانَ كلَّها على البَتِّ والقَطْعِ، إلا على نَفْىِ فعلِ الغيرِ، فإنَّها على نَفْىِ العِلْمِ. وبهذا قال أبو حنيفةَ، ومالكٌ، والشَّافعىُّ. وقال الشَّعبىُّ، والنَّخَعِىُّ: كلُّها على العلمِ. وذكرَه ابنُ أبى موسى رِوايةً عن أحمدَ. وذكرَ أحمدُ حديثَ الشَّيْبانىِّ، عن القاسمِ بنِ عبدِ الرحمنِ، عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تَضْطرُّوا النَّاسَ فِى أَيْمَانِهِم أَن يَحْلِفوا عَلَى مَا لَا يَعْلَمُونَ" (٢). ولأنَّه لا يُكَلُّفُ ما لا عِلْمِ له به. وقال ابنُ أبى ليلَى: كلُّها على البَتِّ، كما يَحْلِفُ على فِعْلِ نَفْسِه. ولَنا، حديثُ ابنِ عباسٍ، أَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- استحلَفَ رَجلًا فقالَ له: "قُلْ: وَاللَّهِ الَّذِى لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ، مَالَهُ عَلَيْكَ حَقٌّ" (٣). ورَوَى (٤) الأشْعَثُ بنُ قَيْسٍ، أَنَّ رجلًا مِن كِنْدَةَ، ورجلًا من حضْرَمَوْتَ، اخْتَصما إلى النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فى أرْضٍ من اليَمنِ، فقال الحَضْرَمِىُّ: يا رسولَ اللَّه، إِنَّ أرْضِى اغْتصَبَنيها أبو هذا، وهى فى يدِه. فقال: "هَلْ لَكَ بَيِّنَةٌ؟ ". قال: لا، ولكَن، أُحَلِّفُه واللَّهِ ما يَعْلَمُ أنَّها أرْضِى اغْتَصَبَنِيها (٥) أبُوه. فتهيَّأ الكِنْدِىُّ لليَمينِ. روَاه أبو داود (٦). ولم يُنْكِرْ ذلك النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. وما ذكَرُوه لا يَصِحُّ؛ لأنَّه يُمْكِنُه (٧) الإِحاطةُ بِفعْلِ


(٢٥) أى: وعلى ما فعله الخلفاء.
(٢٦) سقط من: الأصل.
(١) فى الأصل: "للوارث".
(٢) أخرجه عبد الرزاق، فى: باب اليمين بما يصدقك صاحبك. . .، من كتاب الأيمان والنذور. المصنف ٨/ ٤٩٤.
(٣) تقدم تخريجه، فى: صفحة ٢٢٢.
(٤) سقط من: أ.
(٥) فى الأصل، أ: "اغتصبها".
(٦) تقدم تخريجه، فى: صفحة ٣٢.
(٧) فى أ: "عليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>