للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابنُ عَبَّاسٍ: ما فَحُشَ في قَلْبِكَ. قال الخَلَّالُ: والذي اسْتَقَرَّ عليه (١٠) قَوْلُه في الفَاحِشِ، أنَّه على قَدْرِ ما يَسْتَفْحِشُه كلُّ إنْسَانٍ في نَفْسِهِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: إنما يُعْتَبَرُ ما يَفْحُشُ في نُفُوسِ أوْساطِ النَّاسِ. وقال قَتَادَةُ، في مَوْضِعِ الدِّرْهَمِ: فاحِشٌ. ونحوُه عن النَّخَعِيِّ، وسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، وحَمَّادِ ابنِ أبي سليمان، والأوْزَاعِيِّ، وأصْحابِ الرَّأْىِ؛ لأنَّه يُرْوَى عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: "تُعَادُ الصَّلاةُ من قَدْرِ الدِّرْهَمِ من الدَّمِ" (١١). ولَنا، أنَّه لا حَدَّ له في الشَّرْعِ، فرُجِعَ فيه إلي العُرْفِ، كالتَّفَرُّقِ والإِحْرَازِ، وما رَوَوْهُ لا يَصِحُّ، فإنَّ الحافِظَ أبا الفَضْلِ المَقْدِسِىّ (١٢)، قال: هو مَوْضُوعٌ (١٣). ولأنَّه إنَّما يَدُلُّ على مَحَلِّ النِّزَاعِ، بدليلِ خِطَابِه، وأصْحابُ الرَّأْىِ لا يَرَوْنَه حُجَّةً.

فصل: والقَيْحُ، والصَّدِيدُ، وما تَوَلَّدَ من الدَّم، بِمَنْزِلَتِه، إلَّا أن أحمدَ قال: هو أسْهَلُ من الدَّمِ. ورُوِىَ عن ابنِ عمرَ، والحسنِ أنَّهما لم يَرَيَاهُ كالدَّمِ. وقال أبو مِجْلَزٍ، في الصَّدِيدِ: إنَّما ذَكَرَ اللهُ الدَّمَ اْلمَسْفُوحَ. وقال أُمَيُّ بنُ رَبِيعَةَ (١٤)، رَأَيْتُ طَاوُسًا كأنَّ إزارَهُ نِطْعٌ (١٥) مِن قُرُوحٍ كانت بِرِجْلَيْه. وقال إسماعيلُ السَّرَّاجُ: رَأيتُ حاشِيةَ إزَارِ مُجَاهِدٍ قد يَبِسَتْ (١٦) من الصَّدِيدِ والدَّمِ من قُرُوحٍ كانت بِسَاقَيْهِ. وقال


(١٠) سقط من: الأصل.
(١١) أخرجه الدارقطني، في: باب قدر النجاسة التي تبطل الصلاة، من كتاب الصلاة. سنن الدارقطني ١/ ٤٠١.
(١٢) أبو الفضل محمد بن طاهر بن على المقدسى، ابن القيسراني، الحافظ، له مصنفات ومجموعات تدل عل غزارة علمه، وجودة معرفته، توفي سنة سبع وخمسمائة. وفيات الأعيان ٤/ ٢٨٧.
(١٣) تذكرة الموضوعات ٤١.
(١٤) أبو عبد الرحمن أمي بن ربيعة المرادي الكوفي، ثقة، روى عن عطاء بن أبي رباح، وطاوس، وغيرهما، روى عنه شريك، وسفيان بن عيينة. تهذيب التهذيب ١/ ٣٦٩، ٣٧٠.
(١٥) النطع: بساط من أديم، يوضع على الأرض تحت ما يذبح.
(١٦) في م: "ثبتت".

<<  <  ج: ص:  >  >>