للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"مَنْ قَتَلَ قتيلًا فَلَهُ سَلَبُه". ولأنَّ فيه مصلحةً وتَحْرِيضًا على القتالِ، فجازَ، كاسْتِحْقاقِ الغَنِيمةِ، وزِيادَةِ السَّهْمِ للفارسِ (١٦)، واسْتِحْقاقِ السَّلَبِ، وما ذكَرُوه (١٧) يبْطُل بهذه المسائل. وقولُه: إنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إنَّما جعَلَ السَّلَبَ للقاتلِ بعد أنْ بَرَدَ القتالُ. قُلْنا: قولُه ذلك ثابِت الحُكْمِ فيما يأتِى من الغَزَواتِ بعدَ قولِه، فهو بالنِّسْبةِ إليها كالمَشْروطِ في أوَّلِ الغَزَاةِ. قال القاضي: ولا يجوزُ هذا إلَّا إذا كان فيه مصلحةٌ للمسلمين (١٨)، فإِنْ (١٩) لم يكُنْ فيه فائِدَةٌ، لم يجُزْ؛ لأنَّه إنَّما يَخْرُجُ على وَجْهِ المَصْلَحَةِ، فاعْتُبِرَتِ الحاجَةُ فيه، كأُجْرَةِ الحَمَّالِ والحافظِ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّ النَّفَلَ لا يَخْتَصُّ بنَوْعٍ من المالِ. وذكرَ الخَلَّالُ أنَّه لا نَفَلَ في الدَّراهِمِ والدَّنانيرِ. وهو قولُ الأوْزاعِىّ؛ لأنَّ القاتِلَ لا يسْتَحِقُّ شيئا منها، فكذلك غيرُه. ولَنا، حديثُ حَبِيبِ بن مَسْلَمة، وعُبادَةَ، وجَريرٍ، فإنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- جعلَ لهم الثُّلثَ والرُّبعَ، وهو عامٌّ في كُلِّ ما غَنِمُوه، ولأنَّه نوعُ مالٍ، فجازَ النَّفَلُ فيه، كسائِرِ الأموالِ. وأمَّا القاتِلُ، فإنَّما نُفِّلَ السَّلَبَ، وليست الدراهمُ والدنانيرُ من السَّلَبِ، فلم يسْتَحِقَّ غيرَ ما جُعِلَ له.

فصل: نَقَلَ أبو داودَ، عن أحمدَ، أنَّه قال له: إذا قالَ: مَنْ رَجَعَ إلى السَّاقةِ فله دينارٌ. والرجلُ يعملُ في سياقَةِ الغنمِ؟ قال: لم يَزَلْ أهلُ الشامِ يفعلُون هذا، وقد يكونُ في رُجُوعِهِم إلى السَّاقَةِ وسِيَاقَةِ الغَنَمِ مَنْفَعَةٌ. قيل له: فإنْ أغارَ على قريةٍ فنزلَ فيها والسَّبْىُ والدَّوابُّ والْخُرْثِىُّ (٢٠) معهم في القريةِ، ويمْنَعُ الناسَ من جَمْعِه الكَسلُ (٢١)، لا يخافُون عليه العَدُوَّ، فيقولُ الإِمامُ: مَنْ جاءَ بعشرةِ أثْوابٍ فله ثوْبٌ، [ومن عشرة رءوسٍ رأسٌ] (٢٢)؟ قال: أرْجُو أنْ لا يكونَ به بأْسٌ. قيل له: فإنْ قال: مَنْ جاءَ بعِدْلٍ من دقيقِ


(١٦) في م: "الفارس".
(١٧) أي هو وأصحابه. وفى الأصل: "ذكره".
(١٨) في م: "والمسلمين".
(١٩) في م: "وإن".
(٢٠) الخرثى: أثاث البيت وأردأ المتاع والغنائم.
(٢١) في م: "لكسل".
(٢٢) في م: "ولمن جاء بعشرة رءوس فله رأس".

<<  <  ج: ص:  >  >>