للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَحلَّ العادةِ؛ لما ذَكَرْنا.

فصل: والمرأةُ البِكْرُ كالرَّجُلِ؛ لأنَّ عُذْرَتَها تمنعُ انتشارَ البَوْلِ. فأمَّا الثَّيِّبُ فإن خَرَجَ البولُ بحِدَّةٍ فلم يَنْتَشِر، فكذلك، وإن تَعَدَّى إلى مَخْرَجِ الحَيْضِ، فقال أصحابُنا: يَجِبُ غَسْلُه؛ لأنَّ مَخْرَجَ الحَيْضِ والوَلَدِ غيرُ مَخْرَجِ البَوْلِ. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَجِبَ؛ لأنَّ هذا عادةٌ في حَقِّها، فكَفَى فيه الاسْتِجْمارُ، كالمُعْتادِ في غيرِها، ولأنَّ الغَسْلَ لو لَزِمَها، مع اعْتِيادِه، لَبَيَّنَهُ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لأزْواجِه، لكَوْنِه مِمَّا يُحْتاجُ إلى مَعْرِفَتِه. وإن شَكَّ في انتشارِ الخارجِ إلى ما يُوجِبُ الغَسْلَ، لم يَجِبْ؛ لأنَّ الأَصْلَ عَدَمُه، والمُسْتَحَبُّ الغَسْلُ احْتِياطًا.

فصل: والأَقْلَفُ إن كان مُرْتَتِقًا لا تَخْرُجُ بَشَرَتُه من قُلْفَتِه فهو كالمُخْتَتنِ، وإن كان يُمْكِنُه كَشْفُها كَشَفَها، فإذا بالَ واسْتَجْمَرَ أعادَها، فإن تَنَجَّسَتْ بالبولِ لَزِمَهُ غَسْلُها، كما لو انْتَشَرَ إلى الحَشَفَةِ.

فصل: وإن انْسَدَّ المَخْرَجُ المُعتادُ وانْفَتَح آخر، لم يُجْزِه الاسْتِجْمارُ فيه؛ لأنَّه غيرُ السَّبيلِ المُعتادِ. وحُكِىَ عن بعضِ أصحابِنا أنه يُجْزِئهُ؛ لأنه صارَ مُعْتادًا. ولنَا، أنَّ هذا نادرٌ بالنِّسْبةِ إلى سائرِ النَّاس، فلم تَثْبُتْ فيه أحكامُ الفَرْجِ، فإنَّه لا يَنْقُضُ الوُضُوءَ مَسُّه، ولا يَجِبُ بالإِيلاجِ فيه حَدٌّ ولا مَهْرٌ ولا غُسْلٌ، ولا غيرُ ذلك من الأَحْكامِ، فأشْبَهَ سائرَ البَدَنِ.

فصل: ظاهرُ كلامِ أَحْمد أنَّ مَحَلَّ الاسْتِجْمارِ بعدَ الإِنْقاءِ طاهرٌ، فإنَّ أحمد بن الحُسَيْن (٤)، قال: سألتُ أبَا عَبْدِ اللَّه عن الرَّجُلِ يَبُولُ ويسْتَبْرِىءُ ويَسْتَجْمِرُ يَعْرَقُ في سَرَاوِيلِه؟ قال: إذا اسْتَجْمَر ثَلاثًا فلا بَأْسَ. وسأَلَهُ رَجُلٌ، فقال: إذا اسْتَنْجَيْتُ مِن الغائِطِ يُصِيبُ (٥) ذلك الماءُ موضِعًا منِّى آخَرَ؟ فقال أحمد: قد جاء في الاسْتِنْجاءِ ثَلاثةُ أحْجارٍ، فاسْتَنْجِ أنْتَ بثَلاثةِ أحْجارٍ، ثم لا تُبَالِ ما أصَابَكَ من


(٤) أحمد بن الحسين بن حسان، من أهل سر من رأى، صحب الإمام أحمد، وروى عنه أشياء. طبقات الحنابلة ١/ ٣٩.
(٥) في الأصل زيادة: "من".

<<  <  ج: ص:  >  >>