للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَتَقْتُ ثم مُتُّ، فثُلُثِى لِفُلَانٍ وَصِيّةً، فعَتَقَ وماتَ، صَحَّتْ وَصِيَّتُه وبه قال أبو يوسفَ، ومحمدٌ، وأبو ثَوْرٍ. ولا أعْلَمُ عن غيرِهم خِلَافَهم.

فصل: وتَصِحُّ وَصِيّةُ المُسْلِمِ لِلذِّمِّىِّ، والذِّمِّىِّ لِلْمُسْلِمِ، والذِّمِّىِّ للذِّمِّىِّ. رُوِىَ إجَازَةُ وَصِيَّةِ (١٠) المُسْلِمِ لِلذِّمِّىِّ عن شُرَيْحٍ، والشَّعْبِيِّ، والثَّوْرِيِّ، والشافِعِيِّ وإسحاقَ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. ولا نَعْلَمُ عن غيرِهم خِلَافَهم. وقال محمدُ بن الحَنَفِيَّةِ، وعَطَاءٌ، وقَتَادَةُ، في قولِه تعالى: {إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا} (١١). هو وَصِيَّةُ المُسْلِمِ لِلْيَهُودِيِّ والنَّصْرَانِيِّ. وقال سَعِيدٌ: حدثنا سُفْيانُ، عن أيُّوبَ، عن عِكْرِمَةَ، أنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَىٍّ باعَتْ حُجْرَتَها من مُعَاوِيةَ بمائة ألْفٍ، وكان لها أَخٌ يَهُودِيٌّ، فعَرَضَتْ عليه أن يُسْلِمَ فَيرِثَ، فأبَى، فأوْصَتْ له بثُلُثِ المائةِ (١٢). ولأنَّه تَصِحُّ له الهِبَةُ، فصَحَّتِ الوَصِيّةُ له، كالمُسْلِمِ، وإذا (١٣) صَحَّتْ وَصِيّةُ المُسْلِمِ لِلذِّمِّىِّ، فوَصِيّةُ الذِّمِّىِّ لِلْمُسْلِمِ والذِّمِّىِّ لِلذِّمِّىِّ أَوْلَى. ولا تَصِحُّ إلَّا بما تَصِحُّ به وَصِيَّةُ المُسْلِمِ لِلْمُسْلِمِ. ولو أوْصَى لِوَارِثِه، أو لأَجْنَبِىٍّ، بأكْثَرَ من ثُلُثِه، وَقَفَ على إِجَازَةِ الوَرَثةِ، كالمُسْلِمِ سواءً.

فصل: وتَصِحُّ الوَصِيّةُ لِلْحَرْبِىِّ في دارِ الحَرْبِ. نَصَّ عليه أحمدُ، وهو قولُ مالكٍ، وأكْثَرِ أصْحابِ الشافِعِيِّ. وقال بعضُهم: لا تَصِحُّ. وهو قولُ أبى حنيفةَ؛ لأنَّ اللَّه تعالى قال: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ}، إلى قوله: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ}. الآية (١٤). فيَدُلُّ ذلك على أنَّ مَن قَاتَلَنَا لا يَحِلُّ بِرُّهُ. ولَنا،


(١٠) سقط من: أ، م.
(١١) سورة الأحزاب ٦.
(١٢) في م زيادة: "ألف".
وتقدم تخريجه في صفحة ٢٣٦.
(١٣) في م: "وأنها".
(١٤) سورة الممتحنة ٨، ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>