للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّهم [عاقلةُ عمرَ] (٣)، ولو كانتْ فى بيتِ المالِ، لم يُقسِّمْها على قَوْمِه، ولأنَّه من خَطَأِهِ، فتَحْمِلُه عاقِلتُه. كخَطَأهِ فى غيرِ الحُكومةِ. وللشافعىِّ قَوْلان، كالرِّوايتَيْنِ. فإذا قُلْنا: إِنَّ الدِّيَةَ على عاقِلَتِه. لم تَحْمِلْ إِلَّا الثُّلثَ فصاعدًا، ولا تَحْمِلُ الكفَّارةَ؛ لأنَّ العاقِلةَ لا تَحْمِلُ الكفَّارةَ فى مَحَلِّ الوِفاقِ، كذا ههُنا، وتكونُ الكفَّارةُ فى مالِه. وإذا قُلْنا: إنَّه فى بيتِ المالِ. فينَبْغِى أن يكونَ فيه القليلُ والكثيرُ؛ لأنَّ جَعْلَه فى بيتِ المالِ لعِلَّةِ أنَّه نائبٌ عنهم، وخَطَأُ النَّائِبِ على مُسْتَنِيبِه، وهذا يَدخلُ فيه [القليلُ والكثيرُ، ولكَوْنِه] (٤) يكْثُرُ خَطَؤُه، فجَعْلُ الضَّمانِ فى مالِه يُجْحِفُ به وإن قلَّ، لكَثْرةِ تكرُّرِه، وسواءٌ تولَّى الحاكمُ الاسْتِيفاءَ بنفْسِه، أوِ أمرَ مَن تولَّاه. قال أصحابُنا: وإن كان الوَلِىُّ اسْتَوْفاهُ، فهو كما لو اسْتَوْفاه الحاكمُ؛ لأنَّ الحاكمَ سَلَّطه على ذلك، ومَكَّنَه منه، والوَلِىَّ يَدَّعِى أنَّه حَقُّه. فإن قيل: فإذا كانَ الوَلِىُّ اسْتَوْفَى حَقَّه، فيَنْبغِى أن يكونَ الضَّمان عليه، كما لو حكَمَ له بمالٍ فقَبضَه، ثم بانَ فِسْقُ الشُّهودِ (٥)، كان الضَّمانُ على المُسْتَوْفِى دونَ الحاكِم، كذا ههُنا. قُلْنا: ثَمَّ حصَلَ فى يَدِ المُسْتَوْفِى مالُ المحْكومِ عليه بغيرِ حَقٍّ، فوجَبَ عليه رَدُّه أو ضَمانُه إن تَلِفَ (٦)، وههُنا لم يَحْصُلْ فى يَده شىءٌ، وإنَّما أتْلَفَ شيئًا بخَطأِ الإِمامِ وتَسْليطِه عليه، فافْترَقا.

فصل: وإن شهِدَ بالزِّنَى أربعةٌ، فزَكَّاهم اثْنان، فرُجِمَ الشهودُ عليه، ثم بانَ أَنَّ الشُّهودَ فَسَقةٌ، أو عَبِيدٌ، أو بعضُهم، فلا ضَمانَ على الشُّهودِ؛ لأنَّهم يزْعُمون أنَّهم مُحِقُون، ولم يُعْلَمْ كذبُهم لقينًا، والضَّمانُ على المُزَكِّيَيْنِ. وبهذا قالَ أبو حنيفةَ، والشَّافعىُّ. وقال القاضى: الضَّمانُ على الحاكمِ؛ لأنَّه حَكَمَ بقَتْلِه من غيرِ تَحَقُّقِ شَرْطِه، ولا ضمانَ على المُزَكِّيَيْنِ؛ لأنَّ شهادتَهما شَرْطٌ، وليستِ المُوجبَةَ. وقال أبو الخَطَّابِ، فى "رُءوسِ المسائلِ": الضَّمانُ على الشُّهودِ الذين شَهِدُوا بالزِّنَى. ولَنا، أَنَّ المُزَكِّيَيْنِ شهِدُوا بالزُّور شهادةً أفْضَتْ إلى قَتْلِه، فلَزِمَهما الضَّمان، كشُهودِ الزنَى إذا


(٣) فى الأصل: "عاقلته".
(٤) فى م: "فيما".
(٥) فى م: "شهوده".
(٦) فى ب، م: "أتلف".

<<  <  ج: ص:  >  >>