للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِتَرْكِ نُسُكٍ أو فواتٍ، فهو لِمَساكِينِ الحَرَمِ دونَ غيرِهم؛ لأنَّه هَدْىٌ وَجَبَ لِتَرْكِ نُسُكٍ، فأشْبَه هَدْىَ القِرَانِ. وإن فَعَلَ المَحْظُورَ لغيرِ سَبَبٍ يُبِيحُه، فذَكَرَ ابنُ عَقِيلٍ أنَّه يَخْتَصُّ ذَبْحُه وتَفْرِقَةُ لَحْمِه بِالحَرَمِ، كسائِرِ الهَدْىِ.

فصل: وما وَجَبَ نَحْرُهُ بِالحَرَمِ، وَجَبَ تَفْرِقَةُ لَحْمِه به. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ. وقال مالِكٌ، وأبو حنيفةَ: إذا ذَبَحَها فى الحَرَمِ، جازَ تَفْرِقَةُ لَحْمِها فى الحِلِّ. ولَنا، أنَّه أحَدُ مَقْصُودَىِ النُّسُكِ، فلم يَجُزْ فى الحِلِّ، كالذَّبْحِ، ولأنَّ المَعْقُولَ مِن ذَبْحِه بِالحَرَمِ التَّوْسِعَةُ على مَساكِينِه، وهذا لا يَحْصُلُ بإعْطاءِ غيرِهم، ولأنَّه نُسُكٌ يَخْتَصُّ بِالحَرَمِ، فكان جَمِيعُه مُخْتَصًّا به، كالطَّوَافِ، وسَائِرِ المَنَاسِكِ.

فصل: والطَّعَامُ كَالهَدْىِ، يَخْتَصُّ بِمَساكِين الحَرَمِ فيما يَخْتَصُّ الهَدْىُ به (٧). وقال عَطاءٌ، والنَّخَعِىُّ: ما كان مِن هَدْىٍ فبمَكَّةَ، وما كان من طَعامٍ وصِيَامٍ فحيثُ شاءَ. وهذا يَقْتَضِيهِ مذهبُ مالِكٍ، وأبى حنيفةَ. ولَنا، قَوْلُ ابنِ عَبّاسٍ: الهَدْىُ والطَّعَامُ بمَكَّةَ، والصَّوْمُ حيثُ شاءَ. ولأنَّه نُسُكٌ يَتَعَدَّى نَفْعُه إلى المَساكِينِ فاخْتَصَّ بِالحَرَمِ، كالهَدْىِ.

فصل: ومَساكِينُ الحَرَمِ (٨) مَن كان فيه من أهْلِه، أو وَارِدٍ إليه من الحَاجِّ وغيرِهم، الذين (٩) يجوزُ دَفعُ الزكاةِ إليهم. ولو دَفَعَ إلى مَن ظَاهِرُه الفَقْرُ، فبانَ غَنِيًّا، خُرِّجَ فيه وَجْهانِ كالزكاةِ. ولِلشَّافِعِىِّ فيه قَوْلانِ. وما جَازَ تَفْرِيقُه بغيرِ الحَرَمِ، لم يَجُزْ دَفْعُه إلى فُقَراءِ أهْلِ الذِّمَّةِ. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ. وجَوَّزَه أصْحابُ الرَّأْىِ. ولَنا، أنَّه كَافِرٌ، فلم يَجُزِ الدَّفْعُ إليه، كالحَرْبِىِّ.

فصل: وإذا نَذَرَ هَدْيًا وأطْلَقَ، فأقَلُّ ما يُجْزِئُه شَاةٌ، أو سُبْعُ بَدَنَةٍ أو بَقَرَةٍ؛


(٧) سقط من: م.
(٨) فى م: "أهل الحرم".
(٩) فى أ: "وهم الذين".

<<  <  ج: ص:  >  >>