وحدَه؛ لأنَّ القُرْعةَ لا تُوجِبُ، وإنَّما تُعَيِّنُ مَن تسْتَحِقُّ التَّقْديمَ. وإن أراد السَّفَرَ بغيرِها، لم يَجُزْ؛ لأنَّها تَعَيَّنَتْ بالقُرْعةِ، فلم يَجُزِ العُدولُ عنها إلى غيرِها. وإن وهبتْ حقَّها من ذلك لغيرِها، جاز إذا رَضِىَ الزَّوجُ؛ لأنَّ الحقَّ لها، فصَحَّتْ هِبَتُها له، كما لو وهَبتْ ليلتَها فى الحَضَرِ. ولا يجوزُ بغيرِ رِضَى الزَّوْجِ، لما ذكَرْنا فى هِبَةِ الليلةِ فى الحَضَرِ. وإِنْ وهَبتْه للزَّوجِ، أو للجميعِ، جازَ. وإنِ امْتنَعتْ مِنَ السَّفَرِ معه، سقطَ حقُّها إذا رَضِىَ الزَّوجُ، وإن أبَى، فله إكْراهُها على السَّفَرِ معَه؛ لما ذكَرْنا. وإن رَضِىَ بذلك، اسْتأْنفَ القُرْعةَ بين البَواقِى. وإن رَضِىَ الزَّوْجاتُ كُلُّهُنَّ بسَفرِ واحدةٍ معَه مِن غيرِ قُرْعةٍ، جازَ؛ لأنَّ الحقَّ لهُنَّ، إلَّا أن لا يَرْضَى الزَّوجُ، ويريدَ غيرَ مَن اتَّفقْنَ عليها، فيُصارُ إلى القُرْعةِ. ولا فَرْقَ فى جميعِ ما ذكَرْنا بين السَّفَرِ الطَّويلِ والقصيرِ؛ لعُمومِ الخبرِ والمعنى. وذكرَ القاضى احْتمالًا ثانيًا، أنَّه يَقْضِى للبواقِى فى السَّفَرِ القصيرِ؛ لأنَّه فى حُكْمِ الإقامةِ، وهو وَجْهٌ لأصْحابِ الشَّافعىِّ. ولَنا، أنَّه سافرَ بها بقُرْعةٍ، فلم يَقْضِ كالطَّويلِ، ولو كان فى حُكمِ الإقامةِ لم يجُزِ المُسافَرةُ بإحْداهُنَّ دُونَ الأُخْرَى، كما لا يجوزُ إفرادُ إحْداهُنَّ بالقَسْمِ دونَ الأُخْرَى. ومتى سافرَ بإحْداهُنَّ بقُرْعةٍ، ثم بَدَا له فأبْعَدَ السفرَ، نحو أن يُسافرَ إلى بيتِ المقدسِ، ثم يَبْدُو له فيَمْضِى إلى مصرَ، فله اسْتِصْحابُها معه؛ لأنَّه سفرٌ واحدٌ (٥) قد أقْرَعَ له. وإن أقامَ فى بلدةٍ مُدَّةَ إحْدَى وعشرينَ صلاةً فما دونَ، لم يُحتَسَبْ عليه بها؛ لأنَّه فى حُكمِ السفرِ، تَجْرى عليه أحْكامُه. وإن زادَ على ذلك، قَضَى الجميعَ ممَّا أقامَه؛ لأنَّه خرجَ عن حُكْمِ السفرِ. وإن أزْمَعَ على المُقامِ قَضَى ما أقامَه، وإِنْ قلَّ؛ لأنَّه خرَجَ عن حُكمِ السفرِ. ثم إذا خرجَ بعد ذلك إلى بلدِه، أو بلدٍ أُخْرَى، لم يَقْضِ ما سافرَه؛ لأنَّه فى حُكمِ السفرِ الواحدِ، وقد أقْرَعَ له.
فصل: وإذا أرادَ الانْتِقالَ بنسائِه إلى بلدٍ آخَرَ، فأمْكَنَه اسْتِصْحابُهُنَّ كلَّهُنَّ فى سَفَرِه فعَلَ، ولم يكُنْ له إفْرادُ إحداهُنَّ به؛ لأنَّ هذا السفرَ لا يخْتَصُّ بواحدةٍ، بل يحْتاجُ إلى نَقْلِ جميعهِنَّ، فإن خَصَّ إحْداهُنَّ، قَضَى للباقياتِ كالحاضرِ، فإن لم يُمْكنْه صُحْبةُ