للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البَراءةِ، فلا يجوزُ أن يُعَوَّلَ في الاسْتِبْراءِ على ما لا دَلالةَ فيه (١٥) عليه، دون ما يَدُلُّ عليه. وبناؤُهم قولَهم هذا على قولِهم (١٦): إن القُرُوءَ الأطْهارُ. بناءٌ للخِلافِ (١٧) على الخِلَافِ، وليس ذلك بحُجَّةٍ، ثم لم يُمْكِنْهُم بناءُ هذا على ذاك حتى خالَفُوه، فجعلُوا الطُّهْرَ الذي طَلَّقَها فيه قُرْءًا، ولم يجعلُوا الطُّهْرَ الذي مات فيه سَيِّدُ أمِّ الولدِ قُرْءًا، وخالَفُوا الحديثَ والمعنى. فإن قالوا: إنَّ بعضَ الحَيْضَةِ المُقْتَرِنَ بالطُّهْرِ يدلُّ على الْبَراءةِ. قُلْنا: فيكونُ الاعتمادُ حينَئذٍ على بعضِ الحَيْضَةِ، وليس ذلك قُرْءًا عندَ أحدٍ. فإذا تقرَّرَ هذا، فإن مات عنها وهى طاهرٌ، فإذا طَهُرَتْ من الحَيْضَةِ المُسْتَقْبَلةِ (١٨) حَلَّتْ، [وإن كانت حائِضًا، لم تعْتَدَّ ببقِيَّةِ تلك الحَيْضَةِ، ولكن متى طَهُرَتْ من الحَيْضةِ الثانية حَلَّتْ] (١٩)؛ لأنَّ اسْتِبْراءَ هذه بحَيْضَةٍ، فلا بُدَّ من حَيْضةٍ كاملَةٍ.

١٣٥٨ - مسألة؛ قال: (وإِنْ كَانَتْ آيِسًا (١)، فبِثَلاثَةِ أشْهُرٍ)

وهذا المشهورُ عن أحمدَ أيضًا. وهو قولُ الحسنِ، وابنِ سِيرِينَ، والنَّخَعِىِّ، وأبى قِلَابةَ، وأحدُ قَوْلَيِ الشافعىِّ. وسأل عمرُ بن عبد العزيزِ أهلَ المدينةِ والقوابلَ، فقالوا: لا تُسْتَبْرَأُ الحُبْلَى في أقَلَّ من ثلاثةِ أشْهُرٍ. فأعْجَبَه قولُهم. وعن أحمدَ، روايةٌ أُخْرَى، أنَّها تُسْتَبْرَأُ بشَهْرٍ. وهو قولٌ ثانٍ للشافعىِّ؛ لأنَّ الشهرَ قائمٌ مَقامَ القُرْءِ في حَقِّ الحُرَّةِ والأمَةِ المُطَلَّقةِ، فكذلك في الاسْتِبْراءِ. وذكر القاضي روايةً ثالثةً، أنَّها تُسْتَبْرَأُ بشَهْرينِ، كعِدَّةِ الأمَةِ المُطَلَّقةِ. ولم أرَ لذلك (٢) وَجْهًا، ولو كان استبراؤُها بشَهْرينِ، لَكان


(١٥) سقط من: أ، ب، م.
(١٦) سقط من: الأصل.
(١٧) في ب: "الخلاف".
(١٨) في ب: "الثانية".
(١٩) سقط من: ب. نقل نظر.
(١) في الأصل، ب: "مؤيسة".
(٢) في م: "بذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>