للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسْتِبْراءُ ذاتِ القُرْءِ بقُرْأينِ، ولم (٣) نَعْلَمْ به قائلًا. وقال سعيدُ بن المُسَيَّبِ، وعَطاءٌ، والضَّحَّاكُ، والحَكَمُ، في الأمَةِ التي لا تَحِيضُ: تُسْتَبْرَأُ بشَهْرٍ ونِصْفٍ. ورَوَاه حَنْبَلٌ عن أحمدَ، فإنَّه قال: قال عَطاءٌ: إن كانت لا تَحِيضُ، فخَمْسٌ وأربعون ليلةً. قال عَمِّى: كذلك أذْهَبُ؛ لأنَّ عِدَّةَ الأمَةِ (٤) المُطَلَّقةِ الآيِسَةِ كذلك. والمشهورُ عن أحمدَ الأوَّلُ. قال أحمدُ بن القاسِمِ: قلتُ لأبي عبدِ اللَّه: كيف جَعَلْتَ ثلاثةَ أشْهُرٍ مكانَ حَيْضَةٍ، وإنما جَعَل اللهُ في القرآنِ مكانَ كلِّ حَيْضَةٍ شهرًا؟ فقال: إنَّما قُلْنا بثلاثةِ (٥) أشْهُرٍ من أجلِ الحَمْلِ، فإنَّه لا يتَبَيَّنُ في أقَلَّ من ذلك، فإنَّ عمرَ بن عبد العزيزِ سأل عن ذلك، وجَمَعَ أهلَ العلمِ والقَوابِلَ، فأخْبَرُوه أنَّ الحَمْلَ لا يتَبيَّنُ في أقَّل من ثلاثةِ أشْهُرٍ، فأعْجبَه ذلك. ثم قال: ألا تَسْمَعُ قولَ ابنِ مسعودٍ: إن النُّطْفةَ أَرْبَعِينَ يوما، ثم عَلَقةً أربعِينَ يوما، ثم مُضْغةً بعد ذلك (٦). قال أبو عبدِ اللَّه: فإذا خَرَجَت الثَّمَانُونَ، صار بعدَها مُضْغةً، وهى لَحْمٌ، فتَبيَّنَ حينَئذٍ. وقال لي: هذا معروفٌ عند النِّساءِ. فأمَّا شَهْرٌ، فلا معنى فيه، ولا نعلمُ به قائلا. ووَجْه اسْتِبْرائِها (٧) بشَهْرٍ، أنَّ اللهَ تعالى جَعَلَ الشهرَ مكانَ الحَيْضَةِ، ولذلك اخْتلَفتِ الشُّهورُ باخْتلافِ الحَيضاتِ، فكانتْ عدَّةُ الحُرَّةِ الآيِسَةِ ثلاثةَ أشْهُرٍ، مكانَ ثلاثةِ قُرُوءٍ، وعدةُ الأمَةِ شَهْرَيْن، مكانَ قُرْأَيْنِ، وللأمَةِ (٨) المُسْتَبْرأَةِ التي ارْتَفَعَ حيضُها عشرةُ أشْهُرٍ؛ تِسْعةٌ للحَمْلِ، وشهرٌ مكانَ الحَيْضَةِ، فيجبُ أن يكونَ مكانَ الحَيْضَةِ ههُنا شهرٌ، كما في حَقِّ مَن ارْتَفَعَ حَيْضُها. فإن قيل: فقد وُجِدَ ثَمَّ ما دَلَّ على البَراءةِ، وهو ترَبُّصُ تِسْعةِ أشْهُرٍ. قُلْنا: وههُنا ما يَدُلُّ على الْبَراءةِ، وهو الإِيَاسُ، فاسْتَوَيا.


(٣) في أ: "ولا".
(٤) سقط من: ب.
(٥) في أ: "ثلاثة".
(٦) تقدم تخريجه في صفحة ٢٣١.
(٧) في م: "استبرائه".
(٨) في ب: "وللامرأة".

<<  <  ج: ص:  >  >>