للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعْزِيًّا إلى أحمدَ. والظاهِرُ أنَّ هذا اخْتِيارُ القاضى، وليس بِمذهبٍ لأحمدَ. ولو اشْتَرَى حِنْطَةً، فانْثالَتْ عليها أُخْرَى، لم يَنْفَسِخِ البَيْعُ، والحُكْمُ فيه كالحُكْمِ في الثَّمَرَةِ تَحْدُثُ معها أخرَى. واللهُ أعلمُ.

فصل: إذا باعَ الأَرْضَ وفيها زَرْعٌ لا يُحْصَدُ إلَّا مَرَّةً، كالحِنْطَةِ، والشَّعِيرِ، والقَطَانِيِّ (٧)، وما المَقْصودُ منه مُسْتَتِرٌ، كالجَزَرِ، والفُجْلِ، والبَصَلِ، والثُّومِ، وأَشْباهِها، فاشْتَرَطَهُ لِلْمُشْتَرِى، فهو له، قَصِيلًا (٨) كان أو ذا حَبٍّ، مُسْتَتِرًا أو ظَاهِرًا، مَعْلُومًا أو مَجْهُولًا؛ لكونِه دَخَلَ في البَيعِ تَبَعًا (٩) لِلأَرْضِ، فلم يَضُرَّ جهْلُه وعَدَمُ كَمالِه، كما لو اشْتَرَى شَجَرَةً، فاشْتَرَطَ ثمَرَتَها بعد تَأْبيرِها. وإن أُطْلِقَ البَيْعُ، فهو للبائِعِ؛ لأنَّه مُودَعٌ في الأَرْضِ، فهو كالكَنْزِ، والقُماشِ. ولأنَّه يُرادُ لِلنَّقْلِ، فأشْبَهَ الثَّمَرَةَ المُؤَبَّرَةَ. وهذا قولُ أبي حنيفةَ، والشَّافِعيِّ. ولا أعْلَمُ فيه مُخَالِفًا. ويكونُ للبائِعِ مُبَقًّى في الأَرْضِ إلى حينِ الحَصادِ بغيرِ أُجْرَةٍ؛ لأنَّ المَنْفَعَةَ حَصَلَتْ مُسْتَثْناةً له، وعليه حَصادُه في أوَّلِ وَقتِ حَصادِه. وإن كان بَقاؤُه انفَعَ له، كقَوْلِنا في الثَّمَرَةِ. وبِهذا قال الشَّافِعِيُّ. وقال أبو حنيفةَ: عليه نَقْلُه عَقِيبَ البَيْعِ. كقولِه في الثَّمَرَةِ، وقد مضَى (١٠) الكَلَامُ فيها. وهكذا (١١) الحُكْمُ في القَصَبِ الفارِسِيِّ؛ لأنَّ له وَقْتًا يُقْطَعُ فيه، إلَّا أنَّ العُروقَ تكونُ لِلْمُشْتَرِى؛ لأنَّها تُتْرَكُ في الأَرْضِ لِلْبَقاءِ فيها والقَصَبُ نَفْسُه كالثَّمَرةِ، [وإن لم يَظْهَرْ منه] (١٢) شىءٌ فهو لِلْمُشْتَرِى. وأمَّا قَصَبُ السُّكَّرِ، فإنَّه يُؤْخَذُ مَرَّةً واحِدَةً، فهو كالزَّرْعِ. فإن حَصَدَهُ قبل أوانِ (١٣) الحَصادِ لِيَنْتَفِعَ بالأَرْضِ في غيرِه، لم يَمْلِكْ الانْتِفَاعَ بها؛ لأنَّ


(٧) القطانى: كل حب يدخر كالعدس والحمص والأرز.
(٨) القصيل: ما قطع من الزرع وهو أخضر.
(٩) سقط من: م.
(١٠) في م: "قضى".
(١١) في م زيادة: "قال".
(١٢) في الأصل: "وإن لم يكن ظهر".
(١٣) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>