للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المالِ في قِبْلَةِ المَسْجِدِ، فإنَّه لن يَزَالَ في المَسْجِدِ مُصَلٍّ (٩). وكان هذا بمَشْهَدٍ من الصَّحَابةِ، ولم يَظْهَرْ خِلَافُه، فكان إجْماعًا. ولأنَّ فيما ذَكَرْناه اسْتِبْقَاءَ الوَقْفِ بمَعْنَاه عندَ تَعَذُّرِ إِبْقَائِه بِصُورَتِه، فوَجَبَ ذلك، كما لو اسْتَوْلَدَ الجارِيَةَ المَوْقُوفةَ، أو قَبَّلَها غيرُه. قال ابنُ عقيلٍ: الوَقْفُ مُؤَبَّدٌ، فإذا لم يُمْكِنْ تَأْبِيدُه على وَجْهٍ، يُخَصِّصُهُ (١٠) اسْتِبْقاءُ الغَرَضِ، وهو الانْتِفَاعُ على الدَّوَامِ في عَيْنٍ أخرى، وإيصَالُ الأبْدَالِ جَرَى مَجْرَى الأعْيانِ، وجُمُودُنا على العَيْنِ مع تَعَطُّلِها تَضْيِيعٌ لِلْغَرَضِ. ويَقْرُبُ هذا من الهَدْىِ إذا عَطِبَ [في السَّفَرِ] (١١)، فإنَّه يُذْبَحُ في الحالِ، وإن كان يَخْتَصُّ بمَوْضِعٍ، فلما تَعَذَّرَ تَحْصِيلُ الغَرَضِ بالكُلِّيّةِ، اسْتُوفِىَ منه ما أمكنَ، وتُرِك مُرَاعاةُ المَحلِّ الخاصِّ عندَ تَعَذُرِه؛ لأنَّ مُرَاعاتَه مع تَعَذُرِه تُفْضِى إلى فَوَاتِ الانْتِفاعِ بالكُلِّيّةِ، وهكذا الوَقْفُ المُعَطَّلُ المنَافِعِ. ولَنا، على محمدِ بن الحَسَنِ، أنَّه إزَالَةُ مِلْكٍ على وَجْهِ القُرْبةِ، فلا يَعُودُ إلى مالِكِه باخْتِلَالِه، وذَهَابِ مَنَافِعِه كالعِتْقِ.

فصل: وظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، أنَّ الوَقْفَ إذا بِيعَ، فأىُّ شيءٍ اشْتُرِىَ بِثَمَنِه ممَّا يُرَدُّ على أهْلِ الوَقْفِ جازَ، سواءٌ كان من جِنْسِه أو من غيرِ جِنْسِه؛ لأنَّ المَقْصُودَ المَنْفَعةُ، لا الجِنْسُ، لكنْ تكونُ المَنْفَعةُ مَصْرُوفةً إلى المَصْلَحَةِ التي كانت الأُولَى تُصْرَفُ فيها؛ لأنَّه لا يجوزُ تَغْيِيرُ المَصْرِفِ مع إمْكانِ المُحَافَظَةِ عليه، كما لا يجوزُ تَغْيِيرُ الوَقْفِ بالبَيْعِ مع إمكانِ الانْتِفَاعِ به.

فصل: وإذا لم يَكْفِ (١٢) ثَمَنُ الفَرَسِ الحَبِيسِ (١٣) لِشِرَاءِ فَرَسٍ أخرى، أُعِينَ به في شِرَاءِ فَرَسٍ حَبِيسٍ يكونُ بعضَ الثَّمَنِ. نَصَّ عليه أحمدُ؛ لأنَّ المَقْصُودَ


(٩) سقط من: الأصل. وفي م: "مصلى"، والمثبت من الشرح الكبير ٣/ ٤٢٠.
(١٠) في الأصل: "تخصيصه".
(١١) سقط من: الأصل.
(١٢) في م: "يف".
(١٣) في الأصل: "الحبس".

<<  <  ج: ص:  >  >>