للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَلْبُوسُ ممَّا لا يَجُوزُ المَسْحُ عليهِ. ولا يَصِحُّ قَوْلُهم: إنَّه مُبْطِلٌ لِلْوُضُوءِ؛ لأنَّ مُبْطِلَ الوُضُوءِ [نَزْعُ ما هو] (٩) مَمْسُوحٌ عليهِ فيه، ولم يُوجَدْ ههُنا، ولأنَّ إِبَاحَةَ المَسْحِ لا يَصِيرُ بها مَاسِحًا، ولا بمَنْزِلَةِ الماسِحِ، كما لو لَبِسَ عِمَامةً يَجُوزُ المَسْحُ عليها، ومَسَحَ على رَأْسِه مِنْ تَحْتِها، فإنَّه لا تَبْطُلُ طَهَارَتُه بِنَزْعِها.

فأمَّا التَّيَمُّمُ لِلْجَنَابَةِ، فلا يُبْطِلُهُ إلَّا رُؤْيَةُ الماءِ، وخُرُوجُ الوَقْتِ، ومُوجِبَاتُ الغُسْلِ. وكذلك التَّيَمُّمُ لِحَدَثِ الحَيْضِ والنِّفَاسِ، لا يَزُولُ حُكْمُهُ إلَّا بِحَدَثِهِما، أو بِأَحَدِ الأَمْرَيْنِ.

فصل: يَجُوزُ التَّيَمُّمُ لِكُلِّ ما يُتَطَهَّرُ له مِن نَافِلَةٍ، أو مَسِّ مُصْحَفٍ، أو قِرَاءَةِ قُرْآنٍ، أو سُجُودِ تِلَاوَةٍ، أو شُكْرٍ، أو لُبْثٍ في مسجدٍ. قال أحمدُ، يَتَيَمَّمُ ويَقْرَأُ جُزْأَهُ. يعْنِي الجُنُبَ. وبذلك قال عَطَاء، ومَكْحُولُ، والزُّهْرِيُّ، ورَبِيعةُ، ويحيى الأنْصَارِيُّ، ومالِكٌ، والشَّافِعِيُّ، والثَّوْرِيُّ، وأصْحابُ الرَّأْيِ. وقال أبو مَخْرَمَةَ (١٠): لا يَتَمَّمُ إلَّا لِمَكْتُوبَةٍ. وكَرِهَ الأَوْزَاعِيُّ أنْ يَمَسَّ المُتَيَمِّمُ المصحفَ. ولَنا، قَوْلُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ طَهُورُ (١١) المُسْلِمِ، وإنْ لم يَجِد الماءَ عَشْرَ سِنِينَ"، وقَوْلُه عليه السَّلام: "جُعِلَتْ لِىَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وطَهُورًا" (١٢). ولأنَّه يُسْتَبَاحُ بِطَهارةِ الماءِ، فَيُسْتَبَاحُ بالتَّيَمُّمِ، كالمَكْتُوبَةِ.

فصل: وإنْ كانَتْ على بَدَنِه نَجَاسَةٌ، وعَجَزَ عن غَسْلِها؛ لِعَدَمِ الماءِ، أو خَوْفِ الضَّرَرِ بِاسْتِعْمَالِه، تَيَمَّمَ لها وصَلَّى. قال أحمدُ: هو بِمَنْزِلَةِ الجُنُبِ، يَتَيَمَّمُ. ورُوِىَ مَعْنَى ذلك عن الحسنِ. ورُوِىَ عن الأوْزَاعِيِّ، والثَّوْرِىِّ، وأبي ثَوْرٍ: يَمْسَحُهَا بالتُّرَابِ، ويُصَلِّى؛ لأنَّ طَهارةَ النَّجَاسَةِ إنَّما تكونُ في مَحَلِّ النَّجَاسَةِ دُونَ غَيْرِه. وقال القاضي: يَحْتَمِلُ أنْ يكونَ مَعْنَى قَوْلِ أحمدَ: إنَّه بِمَنْزِلَةِ الجُنُبِ الذي يَتَيَمَّمُ، أي أنَّه


(٩) في الأصل: "فرع ما هو" دون نقط.
(١٠) كذا ورد، وهو يعني بكير بن عبد اللَّه بن الأشج وكنيته أبو عبد اللَّه. وإنما كناه هنا باسم ولده مخرمة، وتقدم في صفحة ٦٧.
(١١) في الأصل: "وضوء".
(١٢) تقدم في صفحة ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>